للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَجهُ الرَّابعُ: أنَّ ما حرَّمَه الشَّارعُ فإنَّما حرَّمَه لِمَا يتضمَّنُه مِنْ المَفسدةِ الخالِصةِ أو الرَّاجحةِ، فإذا كانَتْ مَصلحةً خاصَّةً أو راجِحةً لم يُحرِّمهُ ألبتَّةَ، وهذا الخُلعُ مَصلحتُه أرجَحُ مِنْ مَفسدتِه.

الوجهُ الخامِسُ: أنَّ غايةَ ما في هذا الخُلعِ اتِّفاقُ الزَّوجَينِ ورضاهُما بفَسخِ النِّكاحِ بغيرِ شِقاقٍ واقِعٍ بينَهُما، وإذا وقَعَ الخُلعُ مِنْ غيرِ شقاقٍ صحَّ وكانَ غايَتُه الكَراهيَةَ؛ لِمَا فيهِ مِنْ مَفسدةِ المُفارَقةِ، وهذا الخُلعُ أُريدَ لهُ لمُّ شَعْثِ النِّكاحِ بحُصولِ عَقدٍ بعدَه يَتمكَّنُ الزَّوجانِ فيهِ مِنْ المُعاشَرةِ بالمَعروفِ، وبدونِه لا يَتمكَّنانِ مِنْ ذلك، بل إمَّا خَرابُ البَيتِ وفِراقُ الأهلِ، وإمَّا التَّعرُّضُ للَعْنةِ مَنْ لا يَقومُ للَعنتِه شيءٌ، وإمَّا التِزامُ ما حلَفَ عليهِ وإنْ كانَ فيهِ فسادُ دُنياهُ وأُخراهُ؛ كما إذا حلَفَ لَيَقتلنَّ ولَدَه اليومَ، أو لَيشرَبنَّ هذا الخَمرَ، أو لَيطَأنَّ هذا الفَرْجَ الحرامَ، أو حلَفَ أنه لا يَأكلُ ولا يَشربُ ولا يَستظِلُّ بسَقفٍ ولا يُعطي فُلانًا حقَّه، ونحوَ ذلكَ، فإذا دارَ الأمرُ بيْنَ مَفسدةِ التِزامِ المَحلوفِ عليه أو مَفسدةِ الطَّلاقِ وخَرابِ البَيتِ وشَتاتِ الشَّملِ أو مَفسدةِ التِزامِ لَعنةِ اللهِ بارتِكابِ التَّحليلِ وبينَ ارتِكابِ الخُلعِ المُخلِّصِ مِنْ ذلكَ جَميعِه لَم يَخْفَ على العاقِلِ أيُّ ذلك أَولى.

الوجهُ السادِسُ: أنَّهما لوِ اتَّفقَا على أنْ يُطلِّقَها مِنْ غيرِ شقاقٍ بينَهما، بلْ لِيأخذَ غيرَها لم يُمنعْ مِنْ ذلكَ، فإذا اتَّفقَا على الخُلعِ ليكونَ سَببًا إلى دَوامِ اتِّصالِهما كانَ أَولى وأَحرى.

ويُوضِّحُه الوجهُ السَّابعُ: أنَّ الخُلعَ إنْ قيلَ «إنَّه طلاقٌ» فقدِ اتَّفقَا على

<<  <  ج: ص:  >  >>