بعدَ امتِناعِه مِنْ الدَّفعِ بغيرِ عُذرٍ أنَّه قَدْ دفَع الثَّمنَ إلى مُوكِّلِه لَم يُقبَلْ قَولُه؛ لِتَعلُّقِ الضَّمانِ بذِمَّتِه.
فلَو طَلبَ الإشهادَ على مُوكِّلِه بالدَّفعِ لَزِمَه ذلك، فلَو أبرَأَه المُوكِّلُ مِنْ الضَّمانِ؛ فإنْ كانَ بعدَ تَلَفِ الشَّيءِ في يَدِه وتَعلُّقِ الغُرمِ بذِمَّتِه صَحَّتِ البَراءةُ، وإنْ كانَ مَع بَقاءِ الشَّيءِ المَضمونِ في يَدِ الوَكيلِ ففي صِحَّةِ البَراءةِ وَجهانِ: أحَدُهما: تَصحُّ، كالإبراءِ ممَّا تَعلَّق بذِمَّتِه، فعلى هذا إذا ادَّعى رَدَّه بعدَ ذلك قُبِلَ مِنه. والآخَرُ: أنَّ البَراءةَ مِنه لا تَصحُّ؛ لأنَّها عَينٌ مَضمونةٌ، كالغَصبِ، لا يَسقُطُ ضَمانُه بالإبراءِ مِنه، فعلى هذا إنِ ادَّعى رَدَّه لَم يُقبَلْ مِنه، واللَّهُ أعلَمُ (١).
تَوكيلُ الوَكيلِ غيرَه:
لا يَخلو الوَكيلُ مِنْ حالاتٍ ثَلاثٍ:
الأُولَى: أنْ يَأذَنَ له المُوكِّلُ في التَّوكيلِ، فيَجوزُ له أنْ يُوكِّلَ غيرَه بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ.
الثَّانيةُ: أنْ يَنهاه المُوكِّلُ أنْ يُوكِّلَ غيرَه، فلا يَجوزُ له التَّوكيلُ بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ.
الثَّالثةُ: أنْ يُطلِقَ له الوَكالةَ، ولَم يَأذَنْ له، ولَم يَنْهَهُ، فاختَلفَ أهلُ العِلمِ في هذا، هَلْ له أنْ يُوكِّلَ غيرَه أو لا؟
(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٢٢، ٥٢٤)، و «مختصر المزني» ص (١١٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute