للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشروعيةُ الدَّعوَى:

الأصلُ في التَّداعي من كِتابِ اللهِ ﷿ قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (١١٧)[المؤمنون: ١١٧]، وقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦٤)[النمل: ٦٤]، وقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)[النور: ٤]؛ فوجَبَ بهذا على كلِّ مَنْ ابتَدَأ قَولًا وابتَدَعَ مَذهبًا أنْ يأتِيَ بالدَّليلِ على صِدقِ قَولِه، والبُرهانِ على صِحةِ مَذهبِه، وعلى مَنْ ادَّعى على أحَدٍ دَعوَى في مالٍ أو دَمٍ أو عِرضٍ أو غيرِ ذلك، أنْ يأتِيَ بالبَيِّنةِ على دَعواه، وقد بَيَّنَ ذلك النَّبيُّ ، بعُمومِ قَولِه: «البَيِّنةُ على المُدَّعي واليَمينُ على المُدَّعَى عليه» (١).

وفي حَديثِ ابنِ عَباسٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لو يُعطَى الناسُ بدَعواهم لادَّعى ناسٌ دِماءَ رِجالٍ وأَموالَهم، ولكنَّ اليَمينَ على المُدَّعَى عليه» (٢).

ولما رُويَ: «أنَّ رَجلَينِ اختَصَما إلى النَّبيِّ حَضرَميٌّ وكِندِيٌّ-، فقالَ الحَضرَميُّ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ هذا غلَبَني على أرضٍ لي، فقالَ الكِندِيُّ: هي أَرضي وفي يَدي، ليسَ له فيها حَقٌّ، فقالَ النَّبيُّ


(١) رواه الترمذي (١٣٤١).
(٢) أخرجه مسلم (١٧١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>