للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندَ الحَنابلَةِ يَستَوي الأمرانِ، فإن شاؤُوا أذَّنوا وأقاموا؛ لِما رُويَ عن أنَس بنِ مالِكٍ : «أَنَّه دخلَ مَسجدًا قَدْ صَلوا فيه، فَأَمرَ رَجلًا فَأَذَّنَ وَأَقامَ، فَصلَّى بِهم في جَمَاعَةٍ» (١)، وإن شاؤُوا صَلوا مِنْ غيرِ أذانٍ ولا إقامَةٍ، فإنَّ عُروةَ قالَ: إذا انتَهيتَ إلى مَسجدٍ قد صلَّى فيه ناسٌ أذَّنوا وأَقاموا، فإنَّ أذانَهم وإقامَتهم تُجزِئُ عمَّن جاءَ بعدَهم، قالَ ابنُ قُدامةَ : وإذا أذَّنَ فالمُستحَبُّ أن يُخفِيَ ذلكَ، ولا يَجهَرَ به لِيَغُرَّ النَّاسَ بالأذانِ في غيرِ مَحَلِه.

أمَّا الحَنفيَّةُ فقد فَصَّلوا في ذلك فقالوا: إن كانَ المَسجدُ له أَهلٌ مَعلومونَ وصلَّى فيه غيرُ أَهلِه بأذانٍ وإقامَةٍ لا يُكرَهُ لِأهلِه أن يُعيدوا الأذانَ والإقامةَ إذا صَلوا، وإن صلَّى فيه أهلُه بأذانٍ وإقامَةٍ أو بَعضُ أهلِه يُكرَهُ لغيرِ أهلِه وللِباقينَ مِنْ أهلِه أن يُعيدوا الأذانَ والإقامةَ إذا صَلوا، وإن كانَ المَسجدُ ليس له أهلٌ مَعلومونَ بِأن كانَ على الطَّريقِ لا يُكرهُ تَكرارُ الأذانِ والإقامَةِ فيه (٢).

أخذُ الأُجرةِ على الأذانِ والإقامَةِ:

اختَلفَ العُلماءُ في حُكمِ أَخذِ الأُجرةِ على الأذانِ والإقامَةِ، هَلْ يَجوزُ أخذُ الأُجرةِ عليهما أو لا؟ على قولَينِ:

فذَهب مُتقدِّمو الحَنفيَّةِ -أبو حَنيفَةَ وأبو يوسُفَ ومحمَّدٌ- والشَّافعيَّةُ في قَولٍ والحَنابلَةُ في المَذهبِ (والظَّاهريَّةُ) إلى أنَّه لا يَجوزُ أخذُ الأُجرةِ


(١) قال الألباني في «تمام المنَّة» (١/ ١٥٥): قد علَّقه البخاري ووَصَله البَيهَقيُّ بسَندٍ صحيح عنه.
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٤٨١)، و «مواهب الجليل» (١/ ٤٦٨)، و «المجموع» (٤/ ١٤٠)، و «المغني» (١/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>