للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقومُ بذلك فلا يَخرُجُ، وقيلَ: يَخرُجُ بكَفيلٍ لِجِنازةِ الوالِدَيْنِ والأجدادِ والجَدَّاتِ والأولادِ، وفي غَيرِهم لا يَخرُجُ، وعليه الفَتوى.

مَكانُ الحَبسِ:

يَنبَغي أنْ يُحبَسَ في مَوضِعٍ خَشِنٍ لا يُبسَطُ له فيه فِراشٌ ولا وِطاءٌ، وألَّا يَدخُلَ عليه أحَدٌ يَستأنِسُ به؛ لأنَّ الحَبسَ إنَّما شُرِعَ لِيَضجَرَ فيُسارِعَ بالقَضاءِ، وإذا مَرِضَ وأضناه المَرَضُ إنْ كان له خادِمٌ لا يَخرُجُ، لِيزدادَ ضَجَرًا فيُسارِعَ بالقَضاءِ، ولا يَخرُجُ لِلمُداواةِ ويُداوَى في السِّجنِ، وإنْ لَم يَكُنْ له خادِمٌ وخُشيَ عليه المَوتُ فإنَّه يَخرُجُ؛ لأنَّه إذا خُشيَ على نَفْسِه المَوتُ مِنَ الجُوعِ كان له أنْ يَدفَعَه بمالِ الغَيرِ، فكيف يَجوزُ إهلاكُه لِأجْلِ مالِ الغَيرِ، وإنِ احتاجَ إلى الجِماعِ فلا بَأْسَ أنْ تَدخُلَ عليه امرأتُه أو جاريَتُه فيَطأَها حيث لا يَطَّلِعُ عليه أحَدٌ.

ولا يُمنَعُ مِنْ دُخولِ أهلِه وجِيرانِه عليه؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى ذلك لِيُشاوِرَهم في قَضاءِ الدَّينِ، ولا يُمكَّنونَ أنْ يَمكُثوا معه طَويلًا.

والمُحتَرِفُ لا يُمَكَّنُ في الحَبسِ مِنَ الاشتِغالِ بحِرفَتِه؛ لِيَضجَرَ فيُسارِعَ بالقَضاءِ، ويُحبَسُ الرَّجُلُ في نَفَقةِ زَوجَتِه، ولا يُحبَسُ والِدٌ في دَينِ وَلَدِه، ويُحبَسُ إذا امتَنَعَ مِنَ الإنفاقِ عليه، ولا يُحبَسُ المُكاتَبُ لِمَولاه بدَينِ الكِتابةِ؛ لأنَّه لا يَصيرُ ظالِمًا بذلك، والحَبسُ جَزاءُ الظُّلمِ، ولو كان المَدينُ صَغيرًا وله وَليٌّ يَجوزُ له قَضاءُ دُيونِه، ولو كان لِلصَّغيرِ مالٌ حَبَسَ القاضي وَليَّه إذا امتَنَع عن قَضاءِ دُيونِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>