للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَخلًا ولا كَرْمًا؛ لِمَا تَقدَّمَ، والمَذهَبُ: لا تَصحُّ المُساقاةُ على ما لَيسَ له ثَمرٌ مَأكولٌ، كالصَّفصافِ والسَّرْوِ والوَردِ ونَحوِها؛ لأنَّه لَيسَ مَنصوصًا عليه، ولا في مَعنَى المَنصوصِ عليه، ولأنَّ المُساقاةَ إنَّما تَكونُ بجُزءٍ مِنْ الثَّمرةِ، وهذا لا ثَمرةَ لَه.

وقالَ المُوفَّقُ ابنُ قُدامةَ وغَيرُه: تَصحُّ المُساقاةُ على ما له وَرقٌ يُقصَدُ، كَتُوتٍ، أو له زَهرٌ يُقصَدُ، كَوَردٍ ونَحوِه، كَالياسَمينِ، إجراءً للوَرقِ والزَّهرِ مَجرَى الثَّمرةِ.

وَلَو ساقاه على ما يَتكرَّرُ حَملُه مِنْ أُصولِ البُقولِ والخَضراواتِ، كالقُطنِ الذي يُؤخَذُ مَرَّةً بعدَ أُخرَى، وكالمَقاثيِّ مِنْ نَحوِ بِطِّيخٍ وقِثَّاءٍ، وكالباذِنجانِ ونَحوِه، لَم تَصحَّ؛ لأنَّ ذلك لَيسَ بشَجرٍ، وتَصحُّ المُزارَعةُ عليه على مُقتَضَى ما يَأتي تَفصيلُه.

أو ساقاه على شَجرٍ لا ثَمرَ لَه، كالحَوَرِ والصَّفصافِ، لَم يَصحَّ على الأولِ، كَما تَقدَّمَ (١).

المُساقاةُ على البَعلِ مِنْ الشَّجرِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ الذين يَقولونَ بجَوازِ المُساقاةِ على أنَّ المُساقاةَ تَصحُّ على البَعلِ مِنْ الشَّجرِ -وهو الذي لا سَقْيَ فيه، بَلْ يُسقَى مِنْ عُروقِه مِنْ غيرِ سَيْحٍ ولا عَينٍ-، كَما تَجوزُ فيما يَحتاجُ إلى سَقْيٍ، قالَ ابنُ قُدامةَ : وبِهَذا قالَ مالِكٌ، ولا نَعلَمُ فيه خِلافًا عندَ مَنْ يُجَوِّزُ المُساقاةَ؛ لأنَّ الحاجةَ


(١) «المغني» (٥/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٥/ ٤٥)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٦٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>