للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن العَلاءِ بنِ زِيادٍ قالَ: أَوصَى أَبي أنْ أَسألَ العُلماءَ: أيُّ الوَصيةِ أعدَلُ؟ فما تَتابَعوا عليه فهو وَصيتُه، فتَتابَعوا على الخُمسِ (١).

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَكونَ وَرثتُه فُقراءَ أو مُحتاجينَ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ المُوصي غَنيًّا لكنَّ وَرثتَه فُقراءُ، هل يُستحبُّ له أنْ يُوصيَ بالثُّلثِ أو بأقَلَّ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ الأَفضلَ أنْ يُوصيَ بما دونَ الثُّلثِ ويَتركَ المالَ لوَرثتِه؛ لأنَّ غُنيةَ الوَرثةِ تَحصلُ بما زادَ على الثُّلثِ إذا كانَ المالُ كَثيرًا، ولا تَحصلُ عندَ قِلتِه، وقد قالَ النَّبيُّ لسَعدٍ: «إنَّك أنْ تَدعَ وَرثتَك أَغنياءَ خَيرٌ من أنْ تَدعَهم عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ في أَيديهم» (٢).

قالَ الإِمامُ النَّوويُّ : قالَ أَصحابُنا وغيرُهم من العُلماءِ: إنْ كانَت الوَرثةُ أَغنياءَ استُحبَّ أنْ يُوصيَ بالثُّلثِ تبَرُّعًا، وإنْ كانوا فُقراءَ استُحبَّ أنْ يَنقُصَ من الثُّلثِ (٣).

وفي قَولٍ للحَنفيةِ: يُندبُ تَركُ الوَصيةِ عندَ عَدمِ كلٍّ من غِنَى الوَرثةِ واستِغنائِهم بما يَرِثونَه؛ لمَا فيه من الصَّدقةِ على القَريبِ، ولأنَّ فيه رِعايةً لحَقِّ الفُقراءِ والقَرابةِ جَميعًا (٤).


(١) «المغني» (٦/ ٥٧)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢٦، ٤٢٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٧٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٣٩)، ومسلم (١٦٢٨).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٧)، و «البيان» (٨/ ١٥٢).
(٤) «مختصر الوقاية» (٢/ ٤٢٠)، و «الاختيار» (٥/ ٧٩)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>