للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدلَّ جَماهيرُ أَهلِ العِلمِ على جَوازِ التِقاطِ ضالَّةِ الغَنمِ بخبَرِ الصَّحيحينِ عن زَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهنيِّ قالَ: جاءَ رَجلٌ إلى رَسولِ اللهِ فسأَلَه عن اللُّقطةِ فقالَ: «اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها ثُم عرِّفْها سَنةً فإنْ جاءَ صاحِبُها وإلا فشَأنَك بها». قالَ: فضالَّةُ الغَنمِ؟ قالَ: «هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ». قالَ فضالَّةُ الإِبلِ؟ قالَ: «ما لك ولها، معَها سِقاؤُها وحِذاؤُها، تَرِدُ الماءَ وتأكُلُ الشَّجرَ حتى يَلقاها ربُّها» (١).

والفَرقُ بينَها وبينَ ضالَّةِ الإِبلِ أنَّ الإِبلَ تَحفظُ نَفسَها مِنْ الوَحشِ إنْ أَرادَها، وتَعيشُ بنفسِها وتَقدرُ على الشُّربِ مِنْ الغَدِرِ (٢) والأَكلِ مِنْ الشَّجرِ، فيَبعدُ خَوفُ الهَلاكِ عليها، وربَّما يَجيءُ صاحِبُها فيَجدُها، وليسَ كذلك ضالَّةُ الغَنمِ؛ لأنَّها لا تَعيشُ بنفسِها ولا تَقدرُ على الشُّربِ مِنْ الغدِرِ ولا تَمتنعُ مِنْ الوَحشِ والحَيوانِ المُفترسِ، وكانَ الغالِبُ هَلاكَها حتى لَم تُؤخذْ (٣).

هل يَجوزُ له أَكلُ ضالَّةِ الغَنمِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ ضالَّةِ الغَنمِ إذا وجَدَها مُلتقِطُها في المَوضعِ المَخوفِ أنَّ له أَكلَها.

قالَ الإِمامُ ابنُ هُبيرةَ : أجمَعُوا على أنَّ مُلتقِطَ ضالَّةِ الغنَمِ في المَوضعِ المَخوفِ عليها له أَكلُها (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٢٩٧)، ومسلم (١٧٢٢).
(٢) الغدرُ: القِطعةُ من الماءِ يُغادِرُها السيلُ. «القاموس المحيط» (٢/ ١٠٠).
(٣) «المعونة» (٢/ ٢٢٥).
(٤) «الإفصاح» (٢/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>