للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ في مُدةٍ يَموتُ في مِثلِها غالبًا ففيهِ القَودُ، وإنْ كانَ لا يَموتُ في مِثلِها غالبًا فهو عَمدُ الخَطأِ، وإنْ شكَكْنا فيها لم يَجبِ القَودُ؛ لأننا شكَكْنا في السَّببِ، ولا يَثبتُ الحُكمُ مع الشَّكِّ في سَببِه، سيِّما القِصاصُ الذي يَسقطُ بالشبُهاتِ.

فإنْ لم يَتعذرْ عليهِ الطلَبُ وترَكَه حتى ماتَ فهَدرٌ؛ لأنه المُهمِلُ لنَفسِه (١).

إذا وضَعَه في أرضٍ مُسبَّعةٍ أو أمامَ أسَدٍ أو حَيوانٍ مُفتَرسٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن رَمَى رَجلًا في أرضٍ مُسبَّعةٍ أو بينَ بيدِ سَبعٍ فقتَلَه، هل يَجبُ القَودُ أم لا؟ على تَفصيلٍ عندَهُم.

قالَ الحَنفيةُ: لو طرَحَ رَجلٌ غيرَه قُدَّامَ أسدٍ أو سَبعٍ فليسَ على الطارحِ قَودٌ ولا دِيةٌ، ولكنْ يُعزَّرُ ويُضرَبُ ضَربًا وَجيعًا ويُحبَسُ حتى يَتوبَ، وقالَ أبو يُوسفَ: أما أنَا فأرَى الحبْسَ حتَّى يَموتَ، وعن الإمامِ: عليهِ الدِّيةُ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: وإنْ كتَفَ رَجلًا أو قيَّدَه فأكلَه السَّبعُ .. فلا يَخلُو مِنْ ثَلاثِ حالاتٍ:

إحداهُنَّ: إذا قيَّدَه أو كتَفَه وطرَحَه في أرضٍ مُسبَّعةٍ فجاءَ السَّبعُ فأكلَهُ .. فإنه لا قوَدَ على الطارحِ له ولا دِيةَ؛ لأنَّ السَّبعَ أكلَه باختِيارِه، ولأنَّ له اختيارًا، كما لو أمسَكَه، فقتَلَه آخَرُ.


(١) «المغني» (٨/ ٢١١، ٢١٢، ٣٣٨)، و «المبدع» (٨/ ٢٤٦)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٣٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٨، ٥٩٩)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٩).
(٢) «البناية شرح الهداية» (١٣/ ٢٦٨)، و «مجمع الضمانات» ص (٤٢٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>