اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المُوصيَ إذا أَوصَى لإِنسانٍ مُعيَّنٍ غيرِ مُبهَمٍ وغيرِ مَجهولٍ ممَّن يَصحُّ له التَّمليكُ فالوَصيةُ صَحيحةٌ.
وقد فرَّعَ الفُقهاءُ على هذا الشَّرطِ بعضَ المَسائلِ، منها:
أ- الوَصيةُ لمُبهمٍ أو مَجهولٍ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في المُوصَى له هل يُشتَرطُ كَونُه مَعلومًا مُعيَّنًا كزَيدٍ أو لا يُشتَرطُ وتَصحُّ الوَصيةُ لمَجهولٍ كأحدِ هذَينِ الرَّجلَينِ ولم يُعيِّنْ واحدًا منهما؟
أمَّا لو أَوصَى بثُلثِ مالِه لرَجلٍ من الناسِ فلا تَصحُّ الوَصيةُ بلا خِلافٍ؛ لأنَّ هذه جَهالةٌ لا يُمكنُ إِزالتُها، والجَهالةُ التي لا يُمكنُ استِدراكُها تَمنعُ من تَسليمِ المُوصَى به إلى المُوصَى له فلا تَعني الوَصيةَ.
وإنَّما الخِلافُ في الجَهالةِ التي يُمكنُ إِزالتُها كأَوصَيت لأَحدِ هذَينِ الرَّجلَينِ؛ فإنَّ العُلماءَ اختلَفوا فيها.
فذهَبَ الإِمامُ أَبو حَنيفةَ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُشتَرطُ في المُوصَى له المُعيَّنِ أنْ يَكونَ مَعلومًا، فلو قالَ:«أَوصَيت لأحدِ هذَينِ الرَّجلَينِ» لم يَصحَّ.
لأَبي حَنيفةَ أنَّ الوَصيةَ تَمليكٌ عندَ المَوتِ فتَستَدعي كَونَ المُوصَى له مَعلومًا عندَ المَوتِ، والمُوصَى له عندَ المَوتِ مَجهولٌ فلم تَصحَّ الوَصيةُ من الأَصلِ، كما لو أَوصَى لواحِدٍ من الناسِ، فلا يُمكنُ القَولُ بالشُّيوعِ، ولا يُقامُ الوارِثُ مَقامَ المُوصي في البَيانِ؛ لأنَّ ذلك حُكمُ الإِيجابِ الصَّحيحِ ولم يَصحَّ،