للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الحاكم كالفَسخِ بالعنَّةِ، فيَفسخُ الحاكِمُ بطَلبِها؛ لأنه لحَقِّها، فلا يَستوفيهِ إلا بطَلبِها، أو تَفسخُ هيَ بأمرِ الحاكمِ (١).

هل تَفريقُ القاضِي يُعتبَرُ طَلاقًا رَجعيًّا؟ أم فَسخًا لا رَجعةَ فيه؟

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو فرَّقَ الحاكِمُ بينَهُما، هل يُعتبَرُ فَسخًا لا رَجعةَ فيه؟ أم هو طَلاقٌ رَجعيٌّ وهو أحَقُّ بها إنْ أيسَرَ في عدَّتِها؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ وابنُ المُنذِرِ إلى أنَّ الحاكِمَ إذا فرَّقَ بينَهُما فهو فَسخٌ لا رَجعةَ له فيه؛ لأنها فُرقةٌ لعَجزِه عن الواجِبِ لها عليهِ، أشبَهَتْ فُرقةَ العُنةِ، فأما إنْ أجبَرَه الحاكِمُ على الطَّلاقِ فطلَّقَ أقَلَّ مِنْ ثَلاثٍ فلَه الرَّجعةُ عليها ما دامَتْ في العدَّةِ، فإنْ راجَعَها وهو مُعسرٌ أو امتَنعَ مِنْ الإنفاقِ عليها ولم يُمكنِ الأخذُ مِنْ مالِه فطلَبَتِ المَرأةُ الفَسخَ فللِحاكمِ الفَسخُ؛ لأنَّ المُقتضِي له باقٍ، أشبَهَ ما قبلَ الطلاقِ (٢).

وقالَ المالِكيةُ: الحاكِمُ إذا أوقَعَ على الزَّوجِ طَلقةً لأجْلِ عُسرِه بالنَّفقةِ فهيَ طَلقةٌ رَجعيةٌ، فإذا أرادَ الزَّوجُ أنْ يُراجعَها فإنه لا يُمكَّنُ مِنْ ذلكَ، بل ولا يَصحُّ إلا بعدَ أنْ يُوجدَ معَه يَسارٌ يَقومُ بواجِبِ مِثلِها لا أقَلَّ؛ لأنَّ الطَّلقةَ التي أوقَعَها الحاكِمُ إنما كانَتْ لأجلِ ضَررِ فَقرِه، فلا يُمكَّنُ مِنْ الرَّجعةِ إلا إذا زالَ مُوجِبُ الطَّلقةِ وهو الإعسارُ، إلا أنْ تَرضَى؛ لأنَّ الحقَّ لها.


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٥٦٤).
(٢) «مغني المحتاج» (٥/ ١٧٥)، و «المغني» (٨/ ١٦٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>