للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الزَّركَشيُّ: وحَكى الشَّريفُ وأبو الخَطابِ وَجهًا أنَّها تَنتقِلُ -والحالُ هذه- إلى الوارِثِ بلا قَبولٍ، نَظرًا -واللهُ أعلَمُ- إلى أنَّ القَبولَ لمَّا تعذَّرَ ممَّن له الإِيجابُ سقَطَ اعتِبارُه لمَكانِ العُذرِ، كما لو كانَت الوَصيةُ للمَساكينِ (١).

إذا ماتَ قبلَ القَبولِ والرَّدِّ فقبِلَه وَرثتُه هل تَكونُ الوَصيةُ لهم أو للمُوصَى له؟

تقدَّمَ أنَّ المالِكيةَ في المَذهبِ والشافِعيةَ والحَنابِلةَ في المَذهبِ يَقولونَ: إنَّ المُوصَى له إذا ماتَ بعدَ مَوتِ المُوصي قامَ وارِثُه مَقامَه في القَبولِ والرَّدِّ -ويَكونُ الرَّدُّ على وَجهِ الهِبةِ عندَ المالِكيةِ كما تقدَّمَ-، فعلى هذا إذا رَدَّ جَميعُ الوَرثةِ الوَصيةَ كانَت مِلكًا لوَرثةِ المُوصي وبطَلَت الوَصيةُ.

أمَّا إنْ قبِلَها وَرثةُ المُوصَى له جَميعًا فقد اختَلفَ الفُقهاءُ فيها، هل يُقضَى منها دَينُ المُوصَى له ويُنفَّذُ منها وَصاياه أو تَكونُ لوَرثتِه؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الوَرثةَ إذا قبِلوها تَكونُ مِلكًا للمُوصَى له لا للوَرثةِ، يُقضَى منها دَينُ المُوصَى له ونفَذَت منها وَصاياه؛ لأنَّ الوارِثَ ملَكَها بما ورِثَه عن المُوصَى له من القَبولِ، فصارَ كالمَملوكِ من تَركتِه؛ لأنَّها لو لم تَدخُلْ في مِلكِه لبطَلَت؛ لأنَّ الوَرثةَ غيرُ مُوصًى لهم فلم يَجُزْ أنْ يَملكَ الوَصيةَ مَنْ لم يُوصِ له.


(١) «شرح الزركشي» (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>