للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: الشُّروطُ المُتَّفقُ عليها:

أ- أنْ يَلبسَ الخُفَّينِ على طَهارةٍ؛ لحَديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ قالَ: كُنْتُ مع النَّبيِّ في سَفرٍ، فأهوَيتُ لأنزِعَ خُفَّيه فقالَ: «دَعْهما؛ فإنِّي أدخَلتُهما طاهِرتَينِ، فمسَحَ عليهما» (١).

إلا أنَّهم قد اختَلَفوا في بعضِ جُزئياتِ هذا الشَّرطِ.

فذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُشترطُ أنْ يَلبسَ الخُفَّينِ جَميعًا على طَهارةٍ كامِلةٍ فلو غسَلَ رِجلًا ثم لبِسَ خُفَّها ثم غسَلَ الأُخرى ولبِسَ خُفَّها لم يَجزِ المَسحُ؛ لأنَّه لم يُدخِلْهما بعدَ طَهارةٍ كامِلةٍ؛ لحَديثِ المُغيرةِ السابِقِ: «دَعْهما؛ فإنِّي أدخَلتُهما طاهِرتَين»، فجعَلَ العِلةَ وُجودَ الطَّهارةِ فيهما جَميعًا وَقتَ إِدخالِهما، ولم تُوجدْ طَهارتُهما وَقتَ لُبسِ الأولِ، ولأنَّ ما اعتُبِرت له الطَّهارةُ اعتُبِر له كَمالُها كالصَّلاةِ ومَسِّ المُصحفِ، ولأنَّ الأولَ خُفٌّ مَلبوسٌ قبلَ رَفعِ الحَدثِ فلم يَجزِ المَسحُ عليه كما لو لبِسَه قبلَ غَسلِ قَدمَيه.

وذهَبَ الحَنفيةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ وجَماعةٌ من أَصحابِ الإمامِ مالِكٍ منهم مُطرِّفٌ وغيرُه إلى جَوازِ الصُّورةِ السابِقةِ.

وقالَ الحَنفيةُ: إنَّ من شُروطِ جَوازِ المَسحِ أنْ يَكونَ لابِسُ الخُفَّينِ على طَهارةٍ كامِلةٍ عندَ الحَدثِ بعدَ اللُّبسِ، ولا يُشترطُ أنْ يَكونَ على طَهارةٍ كامِلةٍ وَقتَ اللُّبسِ ولا أنْ يَكونَ على طَهارةٍ كامِلةٍ أصلًا ورأسًا.


(١) رواه البخاري (٢٦٠)، ومسلم (٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>