للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَصلةُ الرابِعةُ: إمكانُ السَّيرِ:

إمكانُ السَّيرِ أنْ تَكمُلَ شَرِائطُ الحَجِّ في المُكلَّفِ، والوقتُ مُتسِعٌ، يُمكِنُه الذِّهابُ فيه إلى الحَجِّ.

وقد اختلَف الفُقهاءُ، هل إمكانُ السَّيرِ شَرطٌ لِأصلِ الوُجوبِ أو شَرطٌ لِلأداءِ؟

فذهَب الحَنفيةُ والمالِكيةُ في الأصحِّ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ (قال المِرداويُّ: وهو الصَّحيحُ من المَذهبِ) إلى أنَّ إمكانَ السَّيرِ شَرطٌ لِأصلِ الوُجوبِ، وهو أن يَبقَى من الزَّمانِ عندَ وُجودِ الزادِ والراحِلةِ ما يُمكِنُ السَّيرُ فيه إلى الحَجِّ (السَّيرُ المَعهودُ) فإنِ احتاجَ إلى أنْ يَقطَعَ في كلِّ يَومٍ أو في بعضِ الأيامِ أكثرَ من مَرحَلةٍ لم يَلزمْه الحَجُّ، واستدَلُّوا على ذلك بما يلي:

١ - أنَّ اللهَ تَعالى إنَّما فرَض الحَجَّ على المُستطيعِ، وهذا غيرُ مُستطيعٍ، ولأنَّ هذا يَتعذَّرُ معه فِعلُ الحَجِّ، فكانَ شَرطًا كالزادِ والراحِلةِ.

٢ - أنَّ إمكانَ السَّيرِ من لواحقِ الاستِطاعةِ، وهي شَرطٌ لوُجوبِ الحَجِّ.

٣ - أنَّ ذلك بمَنزلةِ دُخولِ وقتِ الوُجوبِ، كدُخولِ وقتِ الصَّلاةِ، فإنَّها لا تَجبُ قبلَ وقتِها، إلا أنَّ ذلك يَختلِفُ باختِلافِ البُلدانِ، فيُعتبرُ وقتُ الوُجوبِ في حقِّ كلِّ شَخصٍ عندَ خُروجِ أهلِ بَلدِه، فالتَّقييدُ بأشهُرِ الحَجِّ في الآيةِ إنَّما هو بالنِّسبةِ إلى أهلِ أُمِّ القُرى ومَن حولَها.

وذهَب المالِكيةُ في مُقابِلِ الأصحِّ والإمامُ أحمدُ في الرِّوايةِ الثانيةِ عنه (وعليها أكثرُ أصحابِه) إلى أنَّ إمكانَ المَسيرِ شَرطُ لُزومِ الأداءِ؛ لأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>