للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حَجُّ التطوُّعِ فله مَنعُها منه إجماعًا.

قال ابنُ المُنذرِ : أجمَع كلُّ من نَحفظُ عنه من أهلِ العِلمِ على أنَّ للرَّجلِ منعَ زَوجتِه من الخُروجِ إلى حَجِّ التطوُّعِ (١)، وذلك لأنَّ حقَّ الزَّوجِ واجبٌ، فليس لها تَفويتُه بما ليس بواجبٍ (٢).

ثانيًا: عَدمُ العدَّةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ في الجُملةِ على أنَّه يُشترَطُ ألَّا تَكونَ المَرأةُ مُعتدَّةً عن طَلاقٍ أو وفاةٍ مُدةَ إمكانِ السَّيرِ للحَجِّ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى نَهى المُعتدَّاتِ عن الخُروجِ بقوله ﷿: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: ١].

ولأنَّ الحَجَّ يُمكِنُ أداؤُه في وقتٍ آخرَ؛ فأمَّا العدَّةُ فإنَّها إنَّما يَجبُ قَضاؤُها في هذا الوقتِ خاصَّةً، فكانَ الجَمعُ بينَ الأمرَين أوْلى.

وقد عمَّم الحَنفيةُ هذا الشَّرطَ لكلِّ مُعتدَّةٍ، سَواءٌ كانت عدَّتُها من طَلاقٍ بائنٍ أو رَجعيٍ، أو وَفاةٍ أو فَسخِ نِكاحٍ، وهو أيضًا قولُ المالِكيةِ، فإنَّهم قالوا: إذا كانت المَرأةُ مُعتدَّةً من طَلاقٍ أو وَفاةٍ وجَب عليها البَقاءُ في بَيتِ


(١) «الإجماع» (١٣٥).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٤٠)، و «الذخيرة» (٣/ ١٨٠)، و «شرح ابن بطال» (٢/ ٥٣٣)، و «الجوهر النقي» (٥/ ٢٢٤)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٧٤)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٣٥٠)، و «المجموع» (٨/ ٢٤٩)، و «الأم» (٢/ ١١٧)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٣٨٣)، و «الأشباه والنظائر» (١/ ١٣٨)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>