الحالةُ الثانيةُ: أنْ يُوصيَ لكلِّ وارِثٍ بعَينٍ هي قَدرُ حِصتِه من التَّركةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَوصَى لكلِّ وارِثٍ بعَينٍ هي قَدرُ حِصتِه، كأنْ أَوصَى لأحدِ ابنَيه بسَيارةٍ قيمَتُها ألفٌ وللآخَرِ بدارٍ قيمَتُها ألفٌ، وهُما ما يَملِكُه، فهل تَصحُّ أو لا؟
فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّها تَصحُّ، كما لو أَوصَى ببَيعِ عَينٍ من مالِه لزَيدٍ.
إلا أنَّهم اختَلَفوا: هل تَحتاجُ هذه الوَصيةُ إلى الإِجازةِ أو لا، ويَختصُّ كلُّ واحدٍ بما عيَّنَه؟ له وَجهانِ:
أصَحُّهما عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ في وَجهٍ: تَحتاجُ إلى إِجازةِ الوَرثةِ؛ لأنَّ في الأَعيانِ غَرضًا صَحيحًا، فكما لا يَجوزُ إِبطالُ حَقِّ الوارِثِ من قَدرِ حَقِّه لا يَجوزُ من عَينِه.
وفي مُقابلِ الأصَحِّ عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ في أصَحِّ الوَجهَينِ: لا تَحتاجُ إلى إِجازةٍ؛ لأنَّ حُقوقَ الوَرثةِ في قيمةِ التَّركةِ لا في أَعيانِها؛ إذْ لو باعَها المَريضُ بثَمنِ مِثلِها صَحَّ، وإنْ لم يَرضَوْا بذلك، وإنْ تضَمَّن فَواتَ عَينِ المالِ، وهو كما لو باعَ السَّيارةَ لابنِه بألفٍ وباعَ الدارَ لابنِه الثاني بألفٍ، والدَّينُ كالعَينِ فيما ذُكِر (١).
(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧٥)، و «البيان» (٨/ ١٥٩)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٣٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١٣٨)، و «المغني» (٦/ ٥٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٣٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١١).