للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَتولَّى إبرامَ العَقدِ:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ عَقدَ الذِّمةِ مع غيرِ المُسلِمِ يَتولَّى إبرامَه الإمامُ أو نائبُه، فلا يَصحُّ من غيرِهما؛ لأنَّ ذلك يَتعلَّقُ بنَظرِ الإمامِ وما يَراه من المَصلحةِ؛ ولأنَّ عَقدَ الذِّمةِ عَقدٌ مُؤبَّدٌ، فلم يَجزْ أنْ يَفتاتَ به على الإمامِ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يَصحُّ عَقدُ الذِّمةِ والهُدنةِ إلا مِنْ الإمامِ أو نائِبِه، وبهذا قالَ الشافِعيُّ، ولا نَعلمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ ذلك يَتعلَّقُ بنَظرِ الإمامِ وما يَراه من المَصلحةِ؛ ولأنَّ عَقدَ الذِّمةِ عَقدٌ مُؤبَّدٌ، فلمْ يَجزْ أنْ يَفتاتَ به على الإمامِ؛ فإنْ فعَلَه غيرُ الإمامِ أو نائِبِه لمْ يَصحَّ؛ لكنْ إنْ عقَده على ما لا يَجوزُ أنْ يَطلُبَ منهم أكثَرَ منه لزِمَ الإمامَ إجابَتُهم إليه، وعَقدُها عليه (٢).

وأَجازَ ذلك الحَنفيةُ لكلِّ مُسلمٍ؛ لأنَّ عَقدَ الذِّمةِ خَلفٌ عن الإسلامِ، فهو بمَنزِلةِ الدَّعوةِ إليه؛ ولأنَّه مُقابِلُ الجِزيةِ، فتَتحقَّقُ فيه المَصلحةُ؛ ولأنَّه مَفروضٌ عندَ طَلبِهم له، وفي انعِقادِه إِسقاطُ الفَرضِ عن الإمامِ وعامةِ المُسلِمينَ، فيَجوزُ لكلِّ مُسلمٍ (٣).


(١) «الخرشي» (٣/ ١٤٣)، و «القليوبي» (٤/ ٢٢٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٣) و «المغني» (١٢/ ٦٦٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ١١٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٢١١).
(٢) «المغني» (١٢/ ٦٦٧).
(٣) «العناية على الهداية» (٧/ ٤٦٨، ٤٧٢)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>