للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٤]، بخِلافِ المِعراضِ؛ فإنه لا يقالَ فيه: أمسَكَ عَليكَ (١).

الشَّرطُ الثالثُ: أنْ يَذبحَه إذا أمكَنَه ذلكَ:

نَصَّ عامةُ الفُقهاءِ على أنَّ الصَّيدَ إذا ماتَ قبلَ أنْ يُمكِنَ ذَبحُه جازَ أكلُه، وإنْ أدرَكَه حيًّا لا يَحلُّ إلا بالتَّذكيةِ، وكذلكَ في الرميِ؛ لأنه قدَرَ على الذَّكاةِ الاختِياريةِ، فلا تُجزئُ الاضطِراريةُ؛ لاندِفاعِ الضَّرورةِ.

قالَ الإمامُ مالكٌ : وأحسَنُ ما سَمعتُ في الذي يَتخلَّصُ الصَّيدَ مِنْ مَخالبِ البازِي أو مِنْ الكَلبِ ثمَّ يَتربَّصُ به فيَموتُ أنه لا يَحلُّ أكلُه، قالَ مالِكٌ: وكذلكَ كلُّ ما قَدرَ على ذَبحِه وهو في مُخالبِ البازِي أو في فِيِّ الكَلبِ فيَتركُه صاحبُه وهو قادِرٌ على ذَبحِه حتى يَقتلَه البازِي أو الكَلبُ فإنه لا يَحلُّ أكلُه، قالَ مالكٌ: وكذلكَ الذي يَرمِي الصَّيدَ فيَنالُه وهو حَيٌّ فيُفرِّطُ في ذَبحِه حتى يَموتَ فإنه لا يَحلُّ أكلُه (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : على قَولِ مالكٍ هذا جُمهورُ الفُقهاءِ، كلُّهم يَقولُ: إذا ماتَ الصَّيدُ قبلَ أنْ يُمكِنَه ذَبحُه جازَ أكلُه، وإنْ أمكَنَه ذَبحُه فلمْ يَفعلْ حتى ماتَ لم يَأكلْه.

وممَّن قالَ بهذا اللَّيثُ بنُ سَعدٍ والأوزاعيُّ والشافِعيُّ وأحمَدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، وهو قَولُ الحَسنِ وقَتادةَ.


(١) «شرح الزركشي» (٣/ ٢٣٧).
(٢) «الموطأ» (٢/ ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>