للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ إقامةِ الحُدودِ في بِلادِ الحَربِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في إقامةِ الحَدِّ على مَنْ زَنى من المُسلِمينَ أو سرَقَ أو قذَفَ مُسلمًا أو شرِبَ خَمرًا في دارِ الحَربِ؟

فقالَ المالِكيةُ والشافِعيةُ واللَّيثُ وأبو ثَورٍ: يَجبُ على الإمامِ إقامةُ الحَدِّ عليه؛ لأنَّ إقامةَ الحُدودِ فَرضٌ كالصَّلاةِ والصَّومِ والزَّكاةِ، ولا تُسقِطُ دارُ الحَربِ عنه شَيئًا من ذلك (١).

فإذا قتَلَ مُسلمٌ مُسلمًا في دارِ الحَربِ يُستَوفى منه القِصاصُ، ويَكونُ الحُكمُ كما لو كانُوا في دارِ الإسلامِ.

جاء في «المُدوَّنةِ الكُبرى»: (قُلتُ): أرأيتَ أميرَ الجَيشِ إذا دخَلَ أرضَ الحَربِ فسرَقَ بعضُهم من بعضٍ في أرضِ الحَربِ أو شرِبوا الخُمورَ أو زَنَوا أيُقيمُ عليهم أميرُهم الحُدودَ في قَولِ مالِكٍ؟ (قالَ): قالَ لي مالِكٌ: يُقيمُ عليهم الحُدودَ في أرضِ الحَربِ أميرُ الجَيشِ، وهو أقوى له على الحَقِّ كما تُقامُ الحُدودُ في أرضِ الإسلامِ (قُلتُ): أرأيتَ لو أنَّ تُجَّارًا من المُسلِمينَ دخَلوا أرضَ الحَربِ بأمانٍ فسرَقَ بَعضُهم من بعضٍ ثم شهِدوا على السارِق بالسَّرقةِ حينَ خرَجُوا إلينا أيُقامُ الحَدُّ على السارِق أو لا في قَولِ مالِكٍ؟


(١) «المدونة الكبرى» (١٦/ ٢٩١)، و «تفسير القرطبي» (٦/ ١٧١)، و «الأوسط» (١١/ ٢٧٨، ٢٨٠)، و «الذخيرة» (٣/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>