للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ شيئًا مِنْ ذلكَ، بل قالَ في «مُوطَّئِه»: وهذا لَفظُ رِوايَته قالَ عَبدُ اللهِ بنُ يُوسفَ: أحسَنُ ما سَمعْتُ في الثُّنْيَا في اليَمينِ أنها لصاحبِها ما لم يَقطعْ كَلامَه، وما كانَ نَسقًا يَتبعُ بعضُه بعضًا قبلَ أنْ يَسكُتَ، فإذا سكَتَ وقطَعَ كَلامَه فلا ثُنْيَا له. انتهى.

ولم أَرَ عن أحَدٍ مِنْ الأئِمةِ قَطُّ اشتِراطَ النِّيةِ مع الشُّروعِ ولا قبلَ الفراغِ، وإنَّما هذا مِنْ تَصرُّفِ الأتباعِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه لا يُشترطُ نيَّةُ الاستِثناءِ أصلًا، فلو قالَ لها: «أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ» ولا يَدرِي أيَّ شيءٍ شاءَ اللهُ لا يَقعُ الطلاقُ؛ لأنَّ الطلاقَ مع الاستِثناءِ ليسَ بإيقاعٍ، فعِلمُه وجَهلُه يَكونُ سواءً.

ولو قالَ لها: «أنتِ طالقٌ» فجَرَى على لِسانِه مِنْ غيرِ قَصدٍ «إنْ شاءَ اللهُ» وكانَ قصدُه إيقاعَ الطلاقِ لا يَقعُ الطلاقُ؛ لأنَّ الاستثناءَ قد وُجِدَ حَقيقةً، والكَلامُ مع الاستثناءِ لا يكونُ إيقاعًا (٢).

الشرطُ الثالثُ: أنْ يَكونَ مَلفوظًا بلِسانِه لا بقَلبِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو طلَّقَ بلِسانِه واستَثنَى بقَلبِه ولم يَتلفَّظْ به، كما لو قالَ: «أنتِ طالقٌ» ونَوَى بقَلبِه «إنْ شاءَ اللهُ» ولم يَتلفَّظْ به، هل يَلزمُه الطلاقُ لأنه يُشترطُ التلفُّظُ بهِ؟ أم يَصحُّ الاستثناءُ بالقَلبِ؟


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٧٩، ٨٠).
(٢) «المحيط البرهاني» (٣/ ٥٣٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٧٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ١٤٩)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>