للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا وجَدَ الحاكِمَ، أما إذا لم يَجدِ الحاكِمَ فيَدفعُها إلى ثِقةٍ (١).

وهذا الحُكمُ في غيرِ الاستِعانةِ بالغيرِ في حَملِ الوَديعةِ وحِفظِها في الحِرزِ وكذا سَقيُها وعَلفُها، كما نصَّ على ذلك الشافِعيةُ والحَنابِلةُ، ولا ضَمانَ عليه وإنْ تلِفَت في هذه الحالَةِ، وذلك لأنَّ العادَةَ جرَت بالاستِعانةِ، ولأنَّه ما أخرَجَها عن يدِه ولا فوَّضَ حِفظَها إلى غيرِه (٢).

حِفظُ الوَديعةِ عندَ أَولادِه أو زَوجتِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُودَعِ هل يَجوزُ له أنْ يَدفعَ الوَديعةَ إلى أَولادِه أو خادِمِه أو زَوجتِه الأَمينةِ ولا ضَمانَ عليه إنْ تلِفَت الوَديعةُ في أَيدِيهم، أم لا يَجوزُ له أنْ يَدفعَ إلى أيٍّ منهم؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجوزُ للمُودَعِ أنْ يَدفعَ الوَديعةَ إلى مَنْ في عيالِه كوَلدِه ووالدَيْه وزَوجتِه -وأَجيرِه الخاصِّ عندَ أَبي حَنيفةَ- ليَحفظَها إذا كانُوا أُمناءَ؛ لأنَّه حفِظَها بما يَحفظُ به مالَه، فأشبَهَ ما لو حفِظَها بنَفسِه، وكما لو دفَعَ الماشِيةَ إلى الرَّاعي أو دفَعَ البَهيمةَ إلى غُلامِه ليَسقيَها، ويُفارقُ الأَجنبيَّ فإنَّ دَفعَها إليه لا يُعدُّ حِفظًا منه.


(١) «المغني» (٦/ ١٠٣)، و «المبدع» (٥/ ٢٣٨)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٢٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٩٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٤٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٧٧).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٦١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١١)، وباقي المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>