للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يَنعقدُ بالنِّيةِ كسائرِ العُقودِ وتَنعقدُ بإِشارةِ الأَخرسِ المُفهمةِ، وبكِنايةِ الناطقِ معَ النِّيةِ» (١).

قالَ النَّوويُّ : «والأَكملُ في صِيغةِ النَّذرِ أنْ يَقولَ مثلًا: «إنْ شَفى اللهُ مَريضي فللهِ عليَّ كذا»، فلو قالَ: «فعليَّ هذا» ولمْ يَقلْ «للهِ»، فطَريقانِ: المَذهبُ -وبه قالَ الُمصنِّفُ والجُمهورُ- صِحتُه؛ لمَا ذكَرَه المُصنِّفُ.

والثانِي: فيه وَجهانِ حَكاهما الرافعيُّ وغيرُه، الصَّحيحُ منهما صِحةُ نَذرِه. والثانِي: لا يَصحُّ إلا بالتَّصريحِ بذِكرِ اللهِ تَعالى، وهو قَريبٌ مِنْ الوَجهِ الضَّعيفِ في وُجوبِ إِضافةِ الوُضوءِ والصَّلاةِ وسائرِ العِباداتِ إلى اللهِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: صِيغةُ النَّذرِ أنْ يَقولَ: «للهِ عليَّ أنْ أَفعلَ كذا» وإنْ قالَ: «عليَّ نَذرُ كذا» لزِمَه أيضًا لأنَّه صرَّحَ بلَفظِ النَّذرِ.

وإنْ قالَ: «إنْ شَفانِي اللهُ فعليَّ صَومُ شَهرٍ» كانَ نَذرًا أو: «نذَرْتُ للهِ» أو «كللهِ عليَّ» ونَحوِه مما يُؤدِّي مَعناه ولا تُعتبَرُ له صيغةٌ بحيثُ لا يَنعقدُ إلا بها، بل يَنعقدُ بكلِّ ما يُؤدِّي مَعناه كالبَيعِ (٣).

هل يَنعقدُ النَّذرُ بالنِّيةِ فقط أم لا بدَّ مِنْ اللَّفظِ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في النَّذرِ هل يَنعقدُ بالنِّيةِ أم لا بدَّ مِنْ التَّلفظِ به؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في الصَّحيحِ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَنعقدُ إلا باللَّفظِ، ولا يَلزمُ النَّذرُ بالنِّيةِ وحدَها ولا


(١) «مغني المحتاج» (٦/ ٢٥٤)، و «تحفة المحتاج» (١٢/ ٧، ٨).
(٢) «المجموع» (٨/ ٣٤٣).
(٣) «المغني» (١٠/ ٨٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>