للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ كانَ مَأذونًا له في التِّجارةِ صحَّ إِقرارُه في قَدرِ ما أذِنَ له فيه.

قالَ أحمدُ في رِوايةِ مِهَنا في اليَتيمِ إذا أُذِنَ له في التِّجارةِ وهو يَعقِلُ البَيعَ والشِّراءَ فبَيعُه وشِراؤُه جائِزانِ، وإنْ أقَرَّ أنَّه اقتَضَى شَيئًا مِنْ مالِه جازَ بقَدرِ ما أذِنَ له وَليُّه فيه.

وقالَ أَبو بَكرٍ وابنُ أبي موسى: إنَّما يَصحُّ إِقرارُه فيما أذِنَ له في التِّجارةِ فيه في الشَّيءِ اليَسيرِ (١).

الشَّرطُ الثانِي: أنْ يَكونَ صاحِيًا غيرَ سَكرانَ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ زالَ عَقلُه بسَببٍ مُباحٍ أو مَعذورٍ فيه فهو كالمَجنونِ، لا يُسمَعُ إِقرارُه، قالَ ابنُ قُدامةَ: بلا خِلافٍ (٢).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا في السَّكرانِ بمُحرَّمٍ إذا أقَرَّ في حالِ سُكرِه هل يَصحُّ إِقرارُه ويُؤاخَذُ به أو لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَصحُّ إِقرارُ السَّكرانِ؛ لأنَّه غيرُ عاقِلٍ، فلم يَصِحَّ إِقرارُه كالمَجنونِ الذي سَببُ جُنونِه فِعلٌ مُحرَّمٌ، ولأنَّ السَّكرانَ لا يُوثَقُ بصِحةِ ما يَقولُ، ولا تَنتَفي عنه التُّهمةُ فيما يُخبِرُ به فلم يُوجَدْ مَعنى الإِقرارِ المُوجِبِ لقَبولِ قَولِه، وهذا تَعليلُ الحَنابِلةِ (٣).


(١) «المغني» (٥/ ٨٧)، و «الإنصاف» (١٠/ ١٨٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٧٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧١٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٥٣٢).
(٢) «المغني» (٥/ ٨٧).
(٣) «المغني» (٥/ ٨٧)، و «المبدع» (١٠/ ٢٩٧)، و «الإنصاف» (١٢/ ١٣٢، ١٣٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٧٤، ٥٧٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>