للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الشافِعيةُ؛ فقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : ولو بذَل الأسيرُ الجِزيةَ ففي قَبولِها وَجهان. قالَ صاحِبُ البَيانِ: الذي يَقتَضيه المَذهَبَ أنَّه لا خِلافَ في جَوازِ قَبولِ ذلك منه، وإنَّما الوَجهانِ في الوُجوبِ؛ لأنَّه إذا جاز أنْ يَمُنَّ عليه من غيرِ مالٍ أو بمالٍ يُؤخَذُ منه مَرةً واحِدةً فلَأنْ يَجوزَ بمالٍ يُؤخَذُ منه في كلِّ سَنةٍ أوْلى.

قالَ في الشامِلِ: وإذا بذَل الجِزيةَ حرُمَ قَتلُه وتَخيَّر الإمامُ فيما عدا القَتلِ كما لو أسلَمَ، وصحَّحه الرافِعيُّ في بابِ الجِزيةِ.

ثم ما جزَمَ به المُصنِّفُ من التَّخييرِ هو فيمَن له كِتابٌ، أمَّا غيرُه فأشارَ إلى خِلافٍ في استِرقاقِه بقَولِه: (وقيلَ لا يُسترَقُ وَثَنيٌّ) كما لا يَجوزُ تَقريرُه بالجِزيةِ ورُدَّ بأنَّ من جازَ أنْ يُمَنَّ عليه ويُفادى جازَ أنْ يُسترَقَّ كالكِتابيِّ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ سألَ الأُسارى مِنْ أهلِ الكِتابِ تَخليَتَهم على إعطاءِ الجِزيةِ لم يَجزْ ذلك في نِسائِهم وذَراريِّهم؛ لأنَّهم صاروا غَنيمةً بالسَّبيِ، وأمَّا الرِّجالُ فيَجوزُ ذلك فيهم، ولا يَزولُ التَّخييرُ الثابِتُ فيهم؛ لأنَّه بَدلٌ لا تَلزمُ الإجابةُ إليه، فلم يَحرُمْ قَتلُهم كبَدلِ عَبدةِ الأوثانِ (٢).

كَيفيةُ قَتْلِ الأسيرِ وحُكمُ التَّمثيلِ به:

المُثْلةُ: بضَمِّ الميمِ وسُكونِ الثَّاءِ أو بفَتحِ المِيمِ وضَمِّ الثاءِ: العُقوبةُ والتَّنكيلُ.


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٢٨)، وانظر: «نهاية المحتاج» (٨/ ٦٩).
(٢) «المغني» (٩/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>