للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّينِ، ويَحِقُّ له الرُّجوعُ على الأصيلِ بعدَ البَراءةِ؛ لأنَّ الهِبةَ في مَعنى الأداءِ (١).

قال الإمامُ النَّوَويُّ : لو أدَّى الضامِنُ مِنَ الدَّينِ، ثم وهَبه رَبُّ الدَّينِ له، ففي رُجوعِه على الأصيلِ وَجهانِ، بِناءً على القَولَيْن فيما لو وهَبتِ الصَّداقَ لِلزَّوجِ ثم طلَّقها قبلَ الدُّخولِ، قُلتُ: الأصحُّ الرُّجوعُ، واللهُ أعلَمُ (٢).

وأضاف الحَنفيَّةُ ما لو تَصدَّق الدائِنُ على الكَفيلِ أو الأصيلِ، فهو في حُكمِ الهِبةِ؛ لأنَّ الهِبةَ والصَّدقةَ كِلتاهما تَمليكٌ (٣).

ثانيًا: المُقاصَّةُ:

المُقاصَّةُ طَريقٌ آخَرُ لِبَراءةِ الكَفيلِ بالمالِ، سَواءٌ أكانت بينَ الأصيلِ والدائِنِ، أو بينَ الدائِنِ والكَفيلِ في أموالِهما.

والمُقاصَّةُ لُغةً: مِنَ المُقاصَصةِ، فكلُّ واحِدٍ يُقاصِصُ صاحِبَه غَريمَه أي: يَستوفي حَقَّه منه (٤).

وقاصَّه مُقاصَّةً: كان له دَينٌ مِثلُ ما على صاحِبِه، فجعَل الدَّينَ في مُقابَلةِ الدَّينِ، وتَقاصَّ القَومُ: قاصَّ كلُّ واحِدٍ منهم صاحِبَه في حِسابٍ أو غَيرِه (٥).

وفي اصطِلاحِ الفُقهاءِ: لَم يَتعدَّ الفُقهاءُ المَعنى اللُّغويَّ في تَعريفِ


(١) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٧٨).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٦٩).
(٣) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٧٨)، و «درر الحكام» (١/ ٨٤٥).
(٤) «بلغة السالك» (٣/ ١٨٦)، و «المبسوط» للسرخسي (٢٠/ ١٣٠).
(٥) «المعجم الوسيط» (٢/ ٧٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>