للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد نُسخَ الحَدُّ بالحَبسِ والأذَى، فجُعلَ حَدُّ البِكرِ الجَلدَ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، وجُعلَ حَدُّ الثيِّبِ الرَّجمَ.

وعن عُبادةَ بنِ الصامتِ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «خُذُوا عَنِّي خُذوا عنِّي، قد جعَلَ الله لهُنَّ سَبيلًا، البِكرُ بالبِكرِ جَلدُ مِائةٍ ونَفيُ سَنةٍ، والثَّيبُ بالثَّيبِ جَلدُ مِائةٍ والرَّجمُ» (١).

فكانَ ذلكَ عَقيبَ الحَبسِ والأذَى المَذكورَينِ في قولِه: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ إلى قَولِه: ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)[النساء: ١٥]، وذلكَ لتَنبيهِ النبيِّ إيَّانا على أنَّ ما ذكَرَه مِنْ ذلكَ هو السَّبيلُ المُرادُ بالآيةِ، ومَعلومٌ أنه لم تَكنْ بينَهُما واسِطةُ حُكمٍ آخَرَ؛ لأنه لو كانَ كذلكَ لَكانَ السَّبيلُ المَجعولُ لهنَّ مُتقدِّمًا لقَولِه بحديثِ عُبادةَ إنَّ المُرادَ بالسَّبيلِ هو ما ذكَرَه دونَ غيرِه، وإذا كانَ كذلكَ كانَ الأذَى والحَبسُ مَنسوخَينِ عن غيرِ المُحصَنِ بالآيةِ، وعن المُحصَنِ بالسُّنةِ وهو الرَّجمُ (٢).

حَدُّ الزِّنا على المحصَنِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الرَّجلَ المُحصَنَ إذا زنَا وتَوفَّرتْ فيه شُروطُ الزنا أنه يَجبُ عليه الرَّجمُ حتى المَوتِ، واستَدلَّ العُلماءُ على ذلكَ بالسُّنةِ والإجماعِ.


(١) رواه مسلم (١٦٩٠).
(٢) «أحكام القرآن» (٥/ ٩٤، ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>