للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَولُه تَعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١]، ولأنَّ كلَّ مَنْ جازَت عَطيتُه في الحَياةِ جازَت بعدَ الوَفاةِ كالذِّميِّ، ولأنَّ كلَّ من صَحَّ تَمليكُه بغيرِ الوَصيةِ صَحَّ أنْ يَملكَ بالوَصية كالمُعاهَدِ والمُستأمَنِ، ولأنَّ اختِلافَ الأَديانِ أو الدارِ لا يُؤثِّرُ في التَّمليكِ بالوَصيةِ، أَصلُه وَصيةُ الذِّميِّ للمُسلمِ (١).

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واختلَفوا في الوَصيةِ للكُفارِ، فقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأَحمدُ: تَصحُّ لهم، سَواءٌ كانوا أهلَ حَربٍ أو ذِمةٍ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ: لا تَصحُّ لأهلِ الحَربِ، وتَصحُّ لأهلِ الذِّمةِ خاصَّةً (٢).

ج- الوَصيةُ للمُرتدِّ:

اختَلفَ الفُقهاء في حُكمِ الوَصيةِ للمُرتدِّ هل تَصحُّ أو لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه تَصحُّ الوَصيةُ للمُرتدِّ المُعيَّنِ.

قالَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ: تَصحُّ الوَصيةُ لمُرتدٍّ مُعيَّنٍ إذا لم يَمُتْ مُرتدًّا كالهِبةِ والصَّدقةِ، وكذا إذا أَوصَى لمُسلمٍ فارتَدَّ تَصحُّ قَطعًا.

وهذا إذا لم يَلحَقِ المُرتدُّ بدارِ الحَربِ، فإنْ لحِقَ بدارِ الحَربِ وامتَنعَ منَّا لا تَصحُّ الوَصيةُ له قَطعًا.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٧٥، ١٧٦)، رقم (١٩٢٩)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٨، ٤٣٩).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٨٣، ٨٤)، و «جواهر العقود» (١/ ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>