للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمانَ ما تَلِفَ بفِعلِه لا يَفسُدُ العَقدُ (١).

قالَ المالِكيَّةُ: يَد الأجيرِ المُشترَكِ يَد ضَمانٍ، والضَّمانُ ثابِتٌ علاه؛ ولو شرطَ نَفْيَه عنه، ويَفسُدُ العَقدُ بالشَّرطِ المَذكورِ؛ لأنَّه شَرطٌ مُنافٍ لِمُقتَضَى العَقدِ، وله أجْرُ مِثلِه، إذا لَم يَطَّلِعْ على الفَسادِ إلَّا بعدَ العَملِ، على أنَّ الضَّمانَ عليه؛ لأنَّه إنَّما رَضيَ بالأجْرِ المُسمَّى؛ لِإسقاطِ الضَّمانِ عنه.

ومَحَلُّ الفَسادِ بالشَّرطِ ما لم يُسقِطْه قبلَ فَراغِ العَملِ، وإلَّا صَحَّ العَقدُ (٢).

مِقدارُ ما يَضمَنُ الأجيرُ:

إذا وجبَ الضَّمانُ على الأجيرِ المُشترَكِ بما جَنَتْ يَده، اختُلِفَ هل يَضمَنُ قِيمَةَ تَلَفِه يَومَ دفعَهُ إليه، وهل يُخيَّرُ المالِكُ فيه أو لا؟

فقالَ الحَنفيَّةُ: إذا وجبَ الضَّمانُ على الأجيرِ المُشترَكِ بما جَنَتْ يَده كانَ المُستَأجِرُ بالخِيارِ، إنْ شاءَ ضَمَّنَه قِيمَتَه غَيَر مَعمولٍ، ولا أجْر له، وإنْ شاءَ ضَمَّنَه قِيمَتَه مَعمولًا، وعليه أجْرُ المِثلِ (٣).

وقالَ المالِكيَّةُ: يَضمَنُ الصَّانِعُ -الأجيرُ المُشترَكُ- ذلك الشَّيءَ الذي تَلِفَ عِندَه بقيمَتِه يَومَ دفعَه رَبُّه إلَيهِ؛ إلَّا أنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أنَّه تَلِفَ أو ضاعَ بعدَ ذلك، وكانَتْ قِيمَتُه أكثَرَ إذْ ذاكَ مِنْ قِيمَتِه يَومَ الدَّفعِ، أوِ الرُّؤيةِ، فيُغرَّمُها؛ لأنَّه أقَرَّ على نَفْسِه.


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٣٨)، و «الهندية» (٤/ ٤٤٢).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٣٧٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٠٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٧٨).
(٣) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٤١)، و «الهندية» (٤/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>