للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقِتالِ، ولم يَفرضْه عليهم، فقالَ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)[الحج: ٣٩] (١).

وهذه هي المَرحَلةُ الثانِيةُ: مَرحلةُ الإذنِ بالقِتالِ.

المَرحلةُ الثانِيةُ: المَدينةُ المُنوَّرةُ، الإذنُ بالقِتالِ دونَ أنْ يُفرضَ هذا عليهم، وذلك في قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)[الحج: ٣٩].

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : فأوَّلُ ما شُرعَ الجِهادُ بعدَ الهِجرةِ النَّبويةِ إلى المَدينةِ اتِّفاقًا (٢).

وقالَ الحافِظُ ابنُ كَثيرٍ : وإنَّما شرَعَ تَعالى الجِهادَ في الوَقتِ الأليَقِ به؛ لأنَّهم لمَّا كانُوا بمَكةَ كانَ المُشرِكونَ أكثَرَ عَددًا، فلو أمَرَ المُسلِمونَ -وهم أَقلُّ من العُشرِ- بقِتالِ الباقِينَ لَشقَّ عليهم، ولِهذا لمَّا بايَع أهلُ يَثرِبَ ليلةَ العَقبةِ رَسولَ اللهِ وكانُوا نَيِّفًا وثَمانينَ قالُوا: يا رَسولَ اللهِ، ألَا نَميلُ على أهلِ الوادي -يَعنونَ أهلَ منًى- ليالي منًى فنَقتلُهم؟ فقالَ رَسولُ اللهِ : «إنِّي لم أُومرْ بهذا»، فلمَّا بَغى المُشرِكونَ وأَخرَجُوا النَّبيَّ من بَينِ أظهُرِهم وهَمُّوا بقَتلِه وشرَّدوا أصحابَه شَذَرَ مَذَرَ، فذهَبَ منهم طائِفةٌ إلى الحَبشةِ وآخَرونَ إلى المَدينةِ، فلمَّا استقَرُّوا بالمَدينةِ وافاهُم رَسولُ اللهِ


(١) «زاد المعاد» (٣/ ٧٠).
(٢) «فتح الباري» (٦/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>