للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياسًا على مَنْ يَغلبُه الدَّمُ من جُرحٍ ولا يَنقطِعُ، مِثلَما رُويَ أنَّ عُمرَ صلَّى وجُرحُه يَثغَبُ دَمًا (١).

ثالِثًا: النَّومُ:

النَّومُ: هو فَترةٌ طَبيعيةٌ تَحدثُ للإِنسانِ بلا اختِيارٍ منه تَمنعُ الحَواسَّ الظاهِرةَ والباطِنةَ عن العَملِ مع سَلامتِها واستِعمالِ العَقلِ مع قيامِه فيَعجِزُ العَبدُ عن أداءِ الحُقوقِ.

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ النَّومَ في الجُملةِ يَنقضُ الوُضوءَ، وكذا نَومُ المُضطجِعِ والمُستنِدِ والمُتَّكئِ يَنقضُ الوُضوءَ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «العَينُ وِكاءُ السَّهِ (٢)، فمَن نامَ فليَتوضَّأْ» (٣).

ثم اختَلَفوا فيمَن نامَ على حالةٍ من أَحوالِ المُصلِّينَ أو نامَ مُمكِّنًا مَقعَدتَه من الأرضِ هل يَنتقضُ وُضوؤُه أو لا؟

فقالَ أبو حَنيفةَ : لا يَنقضُ، وإنْ طالَ، إذا كانَ على حالةٍ من أَحوالِ الصَّلاةِ، فأمَّا إذا وقَعَ على جَنبِه واضطَجعَ انتَقضَ وُضوؤُه.

قالَ أبو بَكرٍ الجَصاصُ : إنَّ المُوجبَ للوُضوءِ هو النَّومُ المُعتادُ الذي يَجوزُ أنْ يُقالَ فيه إنَّه قامَ من النَّومِ، ومَن نامَ قاعِدًا أو ساجِدًا أو راكِعًا لا يُقالُ: إنَّه قامَ من النَّومِ، وإنَّما يُطلقُ ذلك في نَومِ المُضطجِعِ.


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٥٨، ٦٠)
(٢) «السَّهِ»: حَلقةُ الدُّبرِ «والوِكاءُ»: الخَيطُ الذي يُربطُ به فَمُ القِربةِ، فجعَلَ اليَقظةَ للعَينِ مِثلَ الوِكاءِ للقِربةِ، فإذا نامَت العَينُ استُطلِقَ ذلك الوِكاءُ وكانَ منه الحَدثُ.
(٣) سيَأتي تَخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>