للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَجرِ غيرِهم، وقد كتَبَ عُمرُ إلى أبي عُبَيدةَ أنْ يَجلِدَ من شَربَ الخَمرَ ثَمانينَ وهو بالشامِ وهو من الثُّغورِ (١).

مَنْ الذي يُقيمُ الحَدَّ:

من المُتَّفقِ عليه بينَ الفُقهاءِ أنَّه لا يَجوزُ أنْ يُقيمَ الحَدَّ إلا الإمامُ أو نائِبُه؛ سَواءٌ كانَ الحدُّ حقًّا للهِ تَعالى كحَدِّ الزِّنا، أو لآدميٍّ كحَدِّ القَذفِ؛ لأنَّه يَفتقِرُ إلى الاجتِهادِ، ولا يُؤمَنُ فيه الحَيفُ، فوجَبَ أنْ يُفوَّضَ إلى الإمامِ، ولأنَّ النَّبيَّ كانَ يُقيمُ الحُدودَ في حَياتِه، وكذا خُلفاؤُه مِنْ بَعدِه، ويَقومُ نائِبُ الإمامِ فيه مَقامَه (٢).

لكنْ ما الحُكمُ إذا لم يُوجَدَ إمامٌ للناسِ، أو وُجدَ لكنَّه كافِرٌ فهل يَجوزُ حينَئذٍ للقُضاةِ الشَّرعيِّينَ إذا تَوافَرت شُروطُهم أنْ يُقيموا الحُدودَ أو لا؟

قد نَصَّ بعضُ الفُقهاءِ على أنَّ مَنْ تَمكَّن مِنْ فِعلِ ذلك جازَ له أنْ يُقيمَ الحُدودَ.

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : خاطَب اللهُ المُؤمِنينَ بالحُدودِ والحُقوقِ خِطابًا مُطلَقًا، كقَولِه: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا﴾ [المائدة: ٣٨] وقَولِه: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا﴾ [النور: ٢] وقَولِه: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ


(١) «المغني» (٩/ ٢٨٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٤٢)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ١٧٢).
(٢) «مواهب الجليل» (٦/ ١٣٧)، و «شرح ابن بطال» (٨/ ٢٢٤، ٢٢٥)، و «المهذب» (٢/ ٢٦٩)، و «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ١٧٥، ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>