والمَوزونِ بأنْ كانَ وَكيلًا ببَيعِ عَبدَيْنِ، أو عَقارَيْنِ، أو حَيَوانَيْنِ، فباعَ أحَدَهما، جازَ وصَحَّ البَيعُ مَع التَّفريقِ؛ لأنَّ هذا ممَّا لا يَضُرُّه التَّبعيضُ، فلا ضَرَرَ على المُوكِّلِ في بَيعِ بعضِه إلَّا أنْ يَأمُرَه المُوكِّلُ ببَيعِها صَفقةً واحِدةً فلا يَصحُّ عندَ الحَنابِلةِ (١).
الحالةُ الثَّانيةُ: تَبعيضٌ يَضُرُّ بالمُوكِّل:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ التَّبعيضُ يَضُرُّ بالمُوكِّلِ، هَلْ يَصحُّ البَيعُ أو يَتوقَّفُ على إجازةِ المُوكِّلِ أو يَبطُلُ البَيعُ؟
فَذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ إلى أنَّه لا يَجوزُ أنْ يَعقِدَ على بعضِه، كما لو وكَّله ببَيعِ عَقارٍ أو حَيَوانٍ، فباعَ بعضَه؛ لأنَّه غيرُ مُتَعارَفٍ، لِمَا فيه مِنْ ضَرَرٍ، ولَم يُوجَدِ الإذْنُ فيه نُطقًا ولا عُرفًا، فلَمْ يَجُزْ، كما لو وكَّله في شِراءِ عَبدٍ، فاشترَى نِصفَه، ولأنَّ العُرفَ فيه أنْ يُعقَدَ على جَميعِه، فحُمِلَتِ الوَكالةُ عليه، إلَّا أنْ يَبيعَ بعضَه بثَمَنِ كلِّه، فيَصحُّ عندَ الشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ؛ لأنَّه مَأْذونٌ فيه عُرفًا؛ فإنَّ مَنْ رَضيَ بمِئةٍ ثَمَنًا لِلكُلِّ، رَضيَ بها ثَمَنًا لِلبعضِ، ولأنَّه حصَل له المِئةُ، وأبقَى له زِيادةً تَنفَعُه ولا تَضُرُّه، وله بَيعُ النِّصفِ الآخَرِ؛ لأنَّه مَأْذونٌ فيه، فأشبَهَ ما لو باعَ العَبدَ كلَّه بزِيادةٍ على ثَمَنِه.
(١) «المبسوط» (١٩/ ٥٣)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨، ٢٩)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٧٢)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٧٠)، و «المهذب» (١/ ٣٥٣)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٢٥٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٨، ٢١٩)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٨٠)، و «المغني» (٥/ ٧٦)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٨٤، ٣٨٥).