للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رِوايةٍ: «فإنْ جاءَ صاحِبُها فعرَفَ عِفاصَها وعَددَها ووِكاءَها فأَعطِها إياه، وإلا فهي لك» (١).

الحالَةُ الثانِيةُ: أنْ يَأتيَ بعَلامةٍ ويَصفَها بصِفاتِها دونَ البَينةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ يَأتِي بعَلامةٍ ولَم يَأتِ ببَينةٍ، هل يَجبُ دَفعُ اللُّقطةِ له أم لا يَجبُ؟ وهل يَجوزُ الدَّفعُ بالعَلامةِ دونَ البَينةِ أم لا يَجوزُ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يُشترطُ البَينةُ، بل تَكفِي العَلامةُ، ويَجبُ على مَنْ أَتى بعَلامةٍ أنْ تُدفعَ إليه.

قالَ الإِمامُ ابنُ عبدِ البرِّ : واختلَفُوا في دَفعِ اللُّقطةِ إلى مَنْ جاءَ بالعَلامةِ دونَ بَينةٍ، فقالَ مالِكٌ: تُستحَقُّ بالعَلامةِ، قالَ ابنُ القاسِمِ: ويُجبَرُ على دَفعِها إليه، فإنْ جاءَ مُستحَقٌّ فاستَحقَّها ببِينةٍ لَم يَضمنْ المُلتقِطُ شيئًا. قالَ مالِكٌ: وكذلك اللُّصوصُ إذا وُجدَ معَهم أَمتعةٌ فجاءَ قَومٌ فادَّعَوها وليسَت لهم بَينةٌ أنَّ السُلطانَ يَتلوَّمُ في ذلك، فإنْ لَم يأتِ غيرُهم دفَعَها إليهم، وكذلك الآبِقُ، وهو قَولُ اللَّيثِ بنِ سَعدٍ والحَسنِ بنِ حيٍّ أنَّها تُدفَعُ لمَن جاءَ بالعَلامةِ، والحُجةُ لمَن قالَ بهذا القَولِ قَولُه : «اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها وعِدتَها، فإنْ جاءَ صاحِبُها فعرَفَها فادفَعْها إليه» وهذا نصٌّ في مَوضعِ الخِلافِ يَوجبُ طَرحَ ما خالَفَه (٢).


(١) أخرجه مسلم (١٧٢٢).
(٢) «التمهيد» (٣/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>