للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - إيداعُ مالِ الشَّركةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في الشَّريكِ هل يَجوزُ له أنْ يُودِعَ مالَ الشَّركةِ بغَيرِ إذنِ شَريكِه أو لا؟

فذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن أنْ يُودِعَ مالَ الشَّركةِ بغَيرِ إذنِ الآخَرِ إذا كان لِحاجةٍ؛ لأنَّه عادةُ التُّجارِ، وقد تَدعو الحاجةُ إلى الإيداعِ؛ لأنَّه مِنْ ضَرورةِ الشَّركةِ، أشبَهَ دَفعَ المَتاعِ إلى الحَمَّالِ، ولأنَّ لِلشَّريكِ أنْ يَدفعَ مالَ الشَّركةِ لِمَنْ يَحفَظُه بأجْرٍ، فلَأنْ يَدفعَه لِمَنْ يَحفَظُه بلا أجْرٍ -وهو المُودَعُ- أوْلَى.

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ: لا يَجوزُ؛ لأنَّه ليس مِنَ الشَّركةِ، وفيه غَررٌ (١).

وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ لِلشَّريكِ أنْ يُودعَ مالَ الشَّركةِ لِعُذرٍ، كنُزولِه في مَحلِّ خَوفٍ بغَيرِ إذنِ شَريكِه؛ فإنْ أودَعَ لِغَيرِ عُذرٍ وتَلِف المالُ؛ فإنَّه يَضمنُ، وسَواءٌ كان المالُ واسِعًا أو لا؟ ويُصدَّقُ في دَعوى العُذرِ (٢).


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٢)، و «الهداية» (٣/ ٩)، و «العناية» (٨/ ٢٨٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٢)، و «درر الحكام» (٢/ ١٩٦)، و «المغني» (٥/ ١٤)، و «المحرر» (١/ ٣٥١)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٤١٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٥)، و «مطالب أولى النهي» (٢/ ٥٠٧).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٩)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٦٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٧)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>