المَسألةُ الأُولَى: إجارةُ دارٍ لِمَنْ يَتَّخذُها كَنيسةً أو بَيْعةً:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه لا يَجوزُ لِلمُسلِمِ أنْ يُؤجِّرَ دارَه أو يَبيعَها لِنَصرَانِيٍّ أو يَهوديٍّ أو مَجوسيٍّ أو غَيرِهم، لكي يتَّخِذَها كَنيسةً أو بَيْعةً أو بَيتَ نارٍ، إذا كانَتْ دارُه في المِصرِ؛ لأنَّه إعانةٌ على المَعصيةِ، وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].
لأنَّهم لا يُمكَّنونَ مِنْ ذلك في الأمصارِ؛ لِظُهورِ شَعائِرِ الإسلامِ؛ فلا يُعارَضُ بظُهورِ شَعائِرِ الكُفرِ.
ثم اختَلفوا: هَلْ يَجوزُ له إجارَتُها لِذلك إذا كانَتْ في السَّوادِ أو لا يَجوزُ؟
فذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِلرجُلِ إجارةُ دارِه لِمَنْ يَتَّخِذُها كَنيسةً أو بَيْعةً أو بَيتَ نارٍ، سَواءٌ كانَ في الأمصارِ أو في القُرَى؛ لأنَّه فِعلٌ مُحرَّمٌ؛ فلَم تَجُزِ الإجارةُ عليه، كَإجارةِ عَبدِه لِلفُجورِ.
وَيُرَدُّ العَقدُ إنْ وَقَعَ؛ فإنْ فاتَ باستِيفاءِ المَنفَعةِ أو بَعضِها فالمَشهورُ عندَ المالِكيَّةِ أنَّه يَتصدَّقُ بجَميعِ الكِراءِ لِلفُقَراءِ وُجوبًا في الإجارةِ، وبِفاضِلِ الثَّمنِ عن ثَمنِ المِثلِ في البَيعِ، بأنْ يُقالَ: ماذا يُساوي ثَمنُ هذه الدَّارِ أو هذه الأرضِ لِمَنْ يَتَّخِذُها كَنيسةً أو خَمَّارةً مثلًا؟ فيُقالُ: خَمسةَ عَشَرَ. ثم يُقالُ: وماذا تُساوي لَو بِيعَتْ لِمَنْ لا يَتَّخِذُها كَنيسةً ولا خَمَّارةً؟ فيُقالُ: تُساوي عَشَرةً. فيُتصدَّقُ بالخَمسةِ الزَّائِدةِ، والفَرقُ بينَ الكِراءِ والبَيعِ أنَّه لَمَّا كانَ