للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحارِثيُّ: والصَّحيحُ أنه ليسَ صَريحًا؛ لقَولِه : «حبِّسِ الأصْلَ وسَبِّلِ الثَّمرةَ»، غايَرَ بينَ مَعنى التَّحبيسِ والتَّسبيلِ، فامتَنعَ كَونُ أحَدِهما صَريحًا في الآخَرِ، وقد عُلِمَ كَونُ الوَقفِ هو الإمساكَ في الرَّقبةِ عن أسبابِ التَّملُّكاتِ، والتَّسبيلُ إطلاقُ التَّمليكِ، فكيفَ يَكونُ صَريحًا في الوَقفِ؟! انتَهى (١).

ثَانِيًا: الكِنايةُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في بَعضِ الألفاظِ هل هيَ صَريحةٌ أم كِنايةٌ؟ -وإنْ كانَ الجُمهورُ على أنها مِنْ الكِناياتِ- مِثل: «تَصدَّقْتُ، وأبَّدْتُ، وحرَّمْتُ»، وتَحتاجُ إلى قَرينةٍ أو نِيَّةٍ ليَصِحَّ بها الوَقفُ، وبيانها على التَّفصيلِ الآتي:

١ - «تصَدَّقْتُ»: اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ لَفظةَ «تصَدَّقْتُ» مِنْ الواقفِ ليسَتْ صَريحةً في الوَقفِ؛ لأنها مِنْ الألفاظِ المُشتَرَكةِ التي تُستَعملُ في الزَّكاةِ وصَدقةِ التَّطوعِ، فلا يَصحُّ الوَقفُ بمُجرَّدِها ولا يُلزَمُ الواقفُ بها وَقفًا، إلا أنْ يَنويَ بها الوَقفَ أو يَقرنَها بلَفظٍ مِنْ ألفاظِ الوَقفِ بأنْ يُقال: «صَدقةٌ مَوقوفةٌ، أو مُحبَّسةٌ، أو مُسبَّلةٌ» على تَفصيلٍ بَيانُه على النَّحوِ التَّالي:


(١) «الإنصاف» (٧/ ٥)، ويُنظَر: «المغني» (٥/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «الكافي» (٢/ ٤٥٤)، و «المحرر» (١/ ٣٧٠)، و «المبدع» (٥/ ٣١٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٤، ٢٩٥)، و «الروض المربع» (٢/ ١٦٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٧٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>