للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الثالثةُ: حُكمُ الحاكمِ لا يُزيلُ الشَّيءَ عن صِفتِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا حكَمَ الحاكمُ هل يُزيلُ الشَّيءَ عن صِفتِه أم لا؟

فذهَبَ الإِمامُ أَبو حَنيفةَ إلى أنَّ حُكمَ الحاكمِ يَصحُّ ظاهرًا وباطنًا، فإذا حكَمَ الحاكمُ بعَقدٍ أو فَسخٍ أو طَلاقٍ نفَذَ حُكمُه ظاهرًا وباطنًا، فلو أنَّ رَجلينِ تعمَّدا الشَّهادةَ على رَجلٍ بالزُّورِ أنَّه طلَّقَ امرَأتَه فقبِلَهما القاضِي بظاهرِ عَدالتِهما ففرَّقَ بينَ الزَّوجينِ لجازَ لأَحدِ الشاهدينِ نِكاحُها بعدَ قَضاءِ عِدتِها وهو عالمٌ بتَعمدِه الكَذبَ.

ولو أنَّ رَجلًا ادَّعى نِكاحَ امرَأةٍ وهو يَعلمُ أنَّه كاذبٌ، وأقامَ شَاهدي زُورٍ فحكَمَ الحاكمُ حلَّتْ له بذلك وصارَتْ زَوجتُه.

قالَ ابنُ المُنذرِ: وتفرَّدَ أَبو حَنيفةِ فقالَ: لو استَأجرَتِ امرَأةٌ شاهدينِ شهِدا لها بطَلاقِ زَوجِها وهما يَعلمانِ كَذبَهما وتَزويرَهما فحُكمِ الحاكمِ بطَلاقِها يُحلُّ لها أنْ تَتزوجَ، وحلَّ لأَحدِ الشاهدينِ نِكاحُها.

واحتَجَّ بما رُويَ عن عَليٍّ : «أنَّ رَجلًا ادَّعى على امرَأةٍ نِكاحَها فرفَعَها إلى عليٍّ فشهِدَ له شاهِدانِ بذلك، فقَضى بينَهما بالزَّوجيةِ، فقالَتْ: واللهِ ما تزوَّجَني يا أَميرَ المُؤمنينَ، اعقدْ بينَنا عَقدًا حتى أَحلَّ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>