للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: إنما يَضمنُ بالجُحودِ إذا لمْ يَكنْ هناك عُذرٌ، أما إنْ كانَ هناكَ عُذرٌ كأنْ طالَبَ المالِكَ بها ظالِمٌ فطالَبَ المالِكُ الوَديعَ بها فجحَدَها دَفعًا للظالِمِ فإنَّه لا يَضمنُ؛ لأنَّ إِخفاءَها أَبلغُ في حِفظِها، وكذا لو جحَدَها بلا طَلبٍ مِنْ مالِكِها ولو بحَضرتِه؛ لأنَّ إِخفاءَها أَبلغُ في حِفظِها (١).

إذا قالَ بعدَ الجُحودِ: «ضاعَت أو تلِفَت»:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو جحَدَ المُودَعُ الوَديعةَ ثُم أقَرَّ بعدَ ذلك أو أَتى ربُّ الوَديعةِ ببَينةٍ تُثبتُ الإِيداعَ، ثُم قالَ بعدَ ذلك: «إنَّها ضاعَت أو تلِفَت» قبلَ الجُحودِ وأَتى ببَينةٍ، هل يُقبلُ قَولُه أم لا؟ فهذا لا يَخلو مِنْ ثَلاثِ صُورٍ:

الصُّورةُ الأُولى: أنْ تَشهدَ البَينةُ أنَّها تلِفَت أو ضاعَت قبلَ الجُحودِ:

ذهَبَ المالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المُودَعَ إذا جحَدَ الوَديعةَ مَثلًا يومَ الخَميسِ ثُم أقَرَّ يَومَ الجُمعةِ مَثلًا أنَّه أودَعَه، ثُم قالَ إنَّها تلِفَت أو ضاعَت بغيرِ تَفريطٍ منه يومَ الأَربعاءِ، وأقامَ بذلك بَينةً قُبلَت بَينتُه؛ لأنَّ المُودَعَ لو اعتَرفَ بذلك سقَطَ حقُّه فتُسمعُ البيِّنةُ به، ولأنَّه يَقولُ أَردْتُ ألَّا أَتكلَّفَ بَينةً.


(١) «المهذب» (١/ ٣٦٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٩٣، ٥٩٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>