للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَلحوظات على اختِلافِ الفُقهاءِ

بعدَ عَرضِنا لأَسبابِ اختِلافِ الفُقهاءِ نَلحَظُ الأُمورَ الآتيةَ:

أولًا: أنَّ اختِلافَهم لم يَكنْ ناشِئًا عن هَوًى في نُفوسِهم أو لتَحقيقِ رَغباتٍ شَخصيةٍ، أو مَنافعَ ماديةٍ، وإنَّما كانَ ناشِئًا عن دَليلٍ استنَدَ إليه كلٌّ منهم فيما ذهَبَ إليه، أو بِناءً على فَهمٍ مُعيَّنٍ اقتنَعَ به كلٌّ منهم، واعتمَدَ عليه، ما دام هذا الفَهمُ لا يَتعارضُ مع كِتابِ اللهِ تَعالى وسُنةِ نَبيِّه وما اجتمَعَت عليه الأُمةُ. وهذا ما يَلحَظُه كلُّ قارِئٍ لأَسبابِ اختِلافِهم.

ثانيًا: أنَّ الاختِلافَ في ذاتِه ليسَ عَيبًا إذا كانَ قائِمًا على دَليلٍ وفَهمٍ صَحيحٍ، فقد اختَلفَ الصَّحابةُ في كَثيرٍ من اجتِهادِهم مع قُربِهم من زَمنِ النُّبوةِ ونُزولِ الوَحيِ على مُحمدٍ ، الذي فتَحَ لهم البابَ للاختِلافِ وتَعدُّدِ الآراءِ، بل عد اختِلافَ الأُمةِ رَحمةً من اللهِ تَعالى.

ومَظهرُ الرَّحمةِ في الاختِلافِ هو وُجودُ أكثَرَ من رَأيٍ في المَسألةِ، وأكثَرَ من حَلٍّ للقَضيةِ الواحِدةِ فيَتخيَّرُ المُسلمُ أو وَليُّ الأمرِ منها ما يُحقِّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>