للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ العَدَويُّ في حاشِيتِه: (قَولُه: أو المِزِرِ) بكَسرِ المِيمِ والزَّايِ، وهوَ البُوزَةُ المُسكِرةُ، (قَولُه: والحَشيشة عِنْدَ مَنْ يَرَى … إلخ) ظاهِرُه أنَّهُ عِنْدَ مَنْ لا يَرَى إسكارَها أنَّه لا يَقعُ عليهِ الطَّلاقُ ولو عَلِمَ أنَّه يُغيِّبُ عَقلَه، وليسَ كذلكَ؛ لأنَّه إذا عَلِمَ أنَّها تُغيِّبُ عقْلَه واستَعملَها ثمَّ غابَ عَقلُه وطلَّقَ فإنَّه يقَعُ عليهِ الطَّلاقُ، وأرادَ بالعِلمِ ما يَشمَلُ الظَّنَ كما هو ظاهِرٌ (١).

المسألةُ الحاديَة عشَرَ: حكمُ طلاقِ الموسوِسِ:

الوَسوسَةُ: الصَّوتُ الخَفيُّ، ومِنها (وسْوَاسُ الحُليِّ) لأصواتِها، ويُقالُ: (وَسْوَسَ الرَّجلُ) بلَفظِ ما سُمِّيَ فاعِلُه: إذا تَكلَّمَ بكَلامٍ خَفيٍّ يُكرِّرُه، وهوَ فِعلٌ لازِمٌ ك: وَلْوَلَتِ المَرأةُ ووَعْوَعَ الذِّئبُ، (ورَجلٌ مُوَسْوِسٌ) بالكَسرِ -ولا يُقالُ بِالفَتحِ، ولكنْ مُوسَوَسٌ لهُ أو إليهِ- أي تُلقَى إليهِ الوَسوسَةُ، وقالَ أبو اللَّيثِ : (الوَسوَسةُ) حَديثُ النَّفْسِ، وإنَّما قيلَ (مُوسْوِسٌ)؛ لأنَّهُ يُحدِّثُ بما في ضَميرِه، (وعَن) اللَّيثِ : لا يَجوزُ طلاقُ المُوسوِسِ، قالَ: يَعني المَغلوب، أي المَغلُوب في عَقلِه إذا تَكلَّمَ تَكلَّمَ بغَيرِ نِظامٍ، (والوَسواسِ) اسمٌ بمَعنَى الوَسوسَةِ، كالزِّلزالِ بمَعنَى الزَّلزلَةِ، والمُرادُ بهِ الشَّيطانُ في قَولِه تعالَى: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ﴾ [الناس: ٤]، كأنَّه وَسوسَةٌ في نَفسِه (٢).


(١) «شرح مختصر خليل» (٤/ ٣١، ٣٢).
(٢) «المغرب في ترتيب المعرب» (٢/ ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>