حُكمِ الضَّمانِ كالإتلافِ الحَقيقيِّ، فكانَ له أنْ يُضمِّنَ أيَّهما شاءَ، فإنْ ضمَّنَ الوليَّ الديَةَ لم يَرجعْ على الشاهدَينِ بشَيءٍ؛ لأنه يَضمنُ بفِعلٍ باشَرَه لنَفسِه باختِيارِه.
وإنْ ضمَّنَ الشاهدَينِ لم يَرجعَا على الوليِّ أيضًا في قَولِ أبي حَنيفةَ
وقالَ أبو يُوسفَ ومُحمدٌ: ثبَتَ لهُما حقُّ الرُّجوعِ على الوليِّ بما ضَمِنَا؛ لأنهُما ضَمِنَا بشَهادتِهما وقد كانَا عاملَينِ فيه للوليِّ، فيَرجعانِ عليهِ بما يَلحقُهما مِنْ الضَّمانِ، كما لو شَهِدا بالقتلِ الخَطأِ أو بالمالِ فقضَى القاضِي واستَوفَى المَشهودُ له ثم رَجَعوا جَميعًا وضمَّنَ المَشهودُ عليهِ الشاهدَينِ كانَ لهُما أنْ يَرجعَا على المَشهودِ له (١).
إذا حكَمَ الحاكِمُ على رَجلٍ بالقَتلِ عامِدًا وجَبَ القِصاصُ:
قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: الحاكِمُ إذا حكَمَ على رَجلٍ بالقَتلِ عالِمًا بذلكَ مُتعمِّدًا فقتَلَه واعتَرفَ بذلكَ وجَبَ القِصاصُ، والكَلامُ فيه كالكَلامِ في الشاهدَينِ، ولو أنَّ الوليَّ الذي باشَرَ قتْلَه أقَرَّ بعِلمِه بكَذبِ الشُّهودِ وتَعمَّدَ قتْلَه فعَليهِ القصاصُ، لا أعلَمُ فيه خِلافًا، فإنْ أقَرَّ الشاهدانِ والحاكِمُ والوليُّ جَميعًا بذلكَ فعَلى الوليُّ القِصاصُ؛ لأنه باشَرَ القتلَ عَمدًا وعُدوانًا، ويَنبغِي أنْ لا يَجبَ على غيرِه شَيءٌ؛ لأنهُم مُتسبِّبونَ، والمُباشَرةُ تُبطلُ حُكمَ المسبِّبِ، كالدافعِ مع الحافرِ، ويُفارِقُ هذا ما إذا لم يُقِرَّ؛ لأنه لم يَثبتْ حُكمُ مُباشَرةِ القتلِ في حَقِّه ظُلمًا، فكانَ وُجودُه كعَدمِه، ويَكونُ