للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثانِي: الآخِذُ: (أي: الشَّفيعُ الذي له حَقُّ الشُّفعةِ):

يُشتَرطُ في الشَّفيعِ الآخِذِ شُروطٌ ذكَرَها الفُقهاءُ، وهي:

أولاً: أنْ يَكونَ مالِكًا لما يَشفَعُ فيه:

اشتَرطَ الفُقهاءُ في الآخِذِ بالشُّفعةِ أنْ يَكونَ مالِكًا للعَقارِ المَشفوعِ به، فلا تَثبُتُ الشُّفعةُ إلا للشَّريكِ في رَقبةِ العَقارِ، فلا شُفعةَ للجارِ -عندَ الجُمهورِ كما تقدَّمَ- ولا للشَّريكِ في غيرِ رَقبةِ العَقارِ، كالشَّريكِ في المَنفعةِ فقط، وقد تقدَّمَ بَيانُ ذلك مُفصَّلًا كما في الرُّكنِ الأولِ.

ثانيًا: أنْ يَكونَ الشَّفيعُ مُسلمًا:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ الشُّفعةَ تَجبُ للمُسلمِ على الذِّميِّ كوُجوبِها له على المُسلمِ، وتَجبُ للذِّميِّ على الذِّميِّ كوُجوبِها للمُسلمِ على المُسلمِ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا: هل تَثبُتُ الشُّفعةُ للذِّميِّ على المُسلمِ أو لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ المُسلمَ والذِّميَّ في استِحقاقِ الشُّفعةِ سَواءٌ، فالحُكمُ بالشُّفعةِ ليس خاصًّا بالمُسلمِ، بل للشَّريكِ مُطلَقًا ولو كانَ ذِميًّا، فإذا كانَ العَقارُ بينَ مُسلمٍ وذِميٍّ، فباعَ المُسلمُ حِصتَه لمُسلمٍ أو لذِميٍّ فلشَريكِه الذِّميِّ أنْ يأخُذَ بالشُّفعةِ؛ لعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «الشَّريكُ شَفيعٌ» (١) فعَمَّ، ولأنَّه حَقٌّ وُضعَ لإِزالةِ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (١٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>