لِضَرورةِ فَصلِ الخُصوماتِ وقَطعِ المُنازَعاتِ المُؤَدِّيةِ إلى الفَسادِ وإحياءِ الحُقوقِ المَيْتةِ، وحَقُّ الضَّرورةِ يَصيرُ مَقضيًّا بجَوابِ المُوكِّلِ، فلا تَلزَمُ الخُصومةُ عن جَوابِ الوَكيلِ مِنْ غيرِ ضَرورةٍ، مَع ما أنَّ النَّاسَ -في الخُصوماتِ على التَّفاوُتِ- بعضُهم أشَدُّ خُصومةً مِنْ بَعضٍ، فرُبَّما يَكونُ الوَكيلُ ألْحَنَ بحُجَّتِه، فيَعجِزُ مَنْ يُخاصِمُه عن إحياءِ حَقِّه، فيَتَضَرَّرُ به، فيَشرُطُ رِضا الخَصمِ، لِيَكونَ لُزومُ الضَّرَرِ مُضافًا إلى التِزامِه.
وإذا كانَ المُوكِّلُ مَريضًا أو مُسافِرًا فهو عاجِزٌ عن الدَّعوَى، وعَنِ الجَوابِ بنَفْسِه، فلَو لَم يَملِكِ النَّقلَ إلى غيرِه بالتَّوكيلِ لَضاعَتِ الحُقوقُ، وهَلَكَتْ، وهذا لا يَجوزُ.
وكَذلك إذا كانَتِ المَرأةُ مُخَدِّرةً مَستورةً لأنَّها تَستَحْيِي عن الحُضورِ لِمَحافِلِ الرِّجالِ، وعَنِ الجَوابِ بعدَ الخُصومةِ، بِكرًا كانَتْ أو ثَيِّبًا، ويَضيعُ حَقُّها، وأمَّا في مَسألَتِنا فلا ضَرورةَ (١).
شُروطُ التَّوكيلِ في الخُصومةِ عندَ المالِكيَّةِ:
١ - أنْ يَكونَ الوَكيلُ بالخُصومةِ واحِدًا، فلا يَجوزُ تَوكيلُ اثنَيْنِ فأكثَرَ في خُصومةٍ بلا خِلافٍ؛ لِمَا فيهِ مِنْ كَثرةِ النِّزاعِ، إلَّا برِضَا الخَصمِ، فيَجوزُ الأكثَرُ، كما يَجوزُ الواحِدُ مُطلَقًا.