للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَزلْ عليه، وبنى من وَرائها جِدارًا أعلاه عليها، ومَسجدًا مُتَصلًا بذلك الجِدارِ؛ لئلَّا يَصلَ إليها من يُريدُ الرَّميَ من أعلاها … ومَضى إلى أنْ قال: والذي أشارَ إليه الأزرَقيُّ بقولِه: (فردَّها) وبقولِه: (وبَنى) هو: إسحاقُ بنُ سَلمةَ الصائغُ الذي أنفَذَه المُتوكِّلُ العَباسيُّ لعَملِ أُمورٍ تَتعلَّقُ بالكَعبةِ وغيرِ ذلك (١).

ثالِثًا: الحَلقُ أو التَّقصيرُ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ حَلقَ شَعرِ الرَّأسِ أو تَقصيرَه واجبٌ من واجباتِ الحَجِّ والعُمرةِ يُجبَرُ بالدَّمِ. لقولِ النَّبيِّ : «أحِلُّوا من إحرامِكم بطَوافِ البَيتِ وبينَ الصَّفا والمَروةِ وقَصِّروا» (٢)، وأمرُه للوُجوبِ، وقولُه : «ومَن لم يَكنْ مِنكم أهدَى فليَطفْ بالبَيتِ وبِالصَّفا والمَروةِ وليُقصرْ وليُحللْ» (٣).


(١) «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» (١/ ٢٩٤)، وبناءً على ما سبَق من نَقلِ أقوالِ الفُقهاءِ وغيرِها من الأدلَّةِ صدَر قَرارُ هَيئةِ كبارِ العُلماءِ بجَوازِ ذلك، فقد جاء فيه:
يَجوزُ رَميُ الجَمرةِ مِنْ فوقِ الطابَقِ؛ لفِعلِ عُمرَ ، ولم يُنكِرْ عليه أحَدٌ من الصَّحابةِ، وقَولُ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ مَحمولٌ على الأفضَليَّةِ، ولأنَّ مَنْ ملَك أرضًا ملَك تُخومَها وهَواءَها، هذا هو المُقرَّرُ شَرعًا. أبحاث هيئة كبار العلماء (٣/ ٢٨٥)، ويقصِدون بأثَرِ عُمرَ ما رَواه ابن أبي شَيبة في «مصنفه» (٣/ ١٩٩) رقم (١٣٤١٥)، وبرة عن الأسوَدِ قال: «رَأيتُ عُمرَ بنَ الخَطابِ يَرمي جَمرةَ العَقَبةِ مِنْ فوقِها» قال الحافِظُ ابنُ حَجرٍ في «فتح الباري» (٣/ ٥٨٠): فيه حَجاجُ بنُ أرطاةَ وفيه ضَعفٌ.
(٢) رواه البخاري (١٤٩٣)، ومسلم (١٢١٦).
(٣) رواه البخاري (١٦٠٦)، ومسلم (١٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>