للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الزِّيادةِ والحَطِّ بعدَ العَقدِ:

نَصَّ الحَنفيَّةُ على جَوازِ الزِّيادةِ على الشَّرطِ المَذكورِ، وجَوازِ الحَطِّ عَنه.

قالوا: الأصلُ فيه أنَّ كلَّ مَوضِعٍ احتَمَلَ إنشاءَ العَقدِ احتَمَلَ الزِّيادةَ، وإلَّا فلا، والحَطُّ جائِزٌ في المَوضِعَيْنِ كَما في الزِّيادةِ في الثَّمنِ والمُثَمنِ في البَيعِ.

فَإذا تَعاقَدَ الرجُلانِ على مُساقاةٍ بالنِّصفِ وعَمِلَ فيها العامِلُ حتى حَصَلَ الخارِجُ ثم زادَ أحَدُهما الآخَرَ مِنْ نَصيبِه السُّدُسَ وحَصَلَ له الثُّلُثَانِ ورَضيَ بذلك الآخَرُ؛ فإنْ كانَ ذلك قبلَ أنْ يَتناهَى عِظَمُ البُسْرِ جازَ؛ لأنَّ ابتِداءَ العَقدِ بَينَهما في هذه الحالةِ يَصحُّ، ما دامَ المَعقودُ عليه بحَيثُ يَزدادُ بعَملِ العامِلِ؛ فتَصحُّ الزِّيادةُ أيضًا مِنْ أيِّهِما كانَ لِصاحِبِه.

وإنْ كانَ بعدَ تَناهِي عِظَمِ البُسْرِ؛ فإنْ كانَ الزَّائِدُ صاحِبَ النَّخلِ فهو باطِلٌ؛ لأنَّ ابتِداءَ العَقدِ بَينَهما في هذه الحالةِ لا يَصحُّ، فكانَ بمَعنَى الزِّيادةِ في الثَّمنِ بعدَ هَلاكِ المَعقودِ عليه، وهذا لأنَّ العَقدَ قد انتَهَى؛ فلا يُمكِنُ إسنادُ الزِّيادةِ على سَبيلِ الِالتِحاقِ بأصلِ العَقدِ، وهي في الحالِ هِبةُ غيرِ مَقسومٍ؛ فلا يَكونُ صَحيحًا.

وإنْ كانَ العامِلُ هو الزَّائِدَ فهو جائِزٌ؛ لأنَّه يَستَوجِبُ بالشَّرطِ، فيَكونُ هذا منه حَطًّا لا زيادةً؛ لأنَّه يَصحُّ الحَطُّ مِنْ الأُجرةِ، واحتِمالُ الإنشاءِ لَيسَ بشَرطٍ لِصِحَّةِ الحَطِّ (١).


(١) «المبسوط» (٢٣/ ١٤٤)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٨٧)، و «الهندية» (٥/ ٢٧٧)، و «ابن عابدين» (٦/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>