للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجةِ؟ قَولانِ في المَذهبِ، ومِن ثَمَّ لو اكتَفَى بنَظرةٍ حَرُمَ ما زادَ عليها؛ لأنه نَظرٌ أُبيحَ لضَرورةٍ، فلْيَتقيَّدْ بها، وسَواءٌ في ذلكَ أخافَ الفِتنةَ أم لا.

وإذا لم تُعجِبْه سكَتَ ولا يَقولُ: «لا أُريدُها»، ولا يَترتَّبُ على سُكوتِه مَنعُ خِطبتَها؛ لأنَّ السُّكوتَ إذا طالَ وأشعَرَ بالإعراضِ جازَتْ، وضَررُ الطُّولِ دُونَ ضررِ «لا أُريدُها» فاحتُملَ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: يُباحُ لِمَنْ أرادَ خِطبةَ امرأةٍ وغلَبَ على ظَنِّه إجابتُه أنْ يَنظرَ إلى ما يَظهرُ غالِبًا كوَجهٍ ورَقبةٍ ويَدٍ وقَدمٍ، ولهُ أنْ يُكرِّرَ النَّظرَ مِرارًا، ويَتأمَّلُ مَحاسِنَها بلا خَلوةٍ؛ لأنَّ المَقصودَ لا يَحصلُ إلَّا بذلكَ إنْ أَمِنَ ثَوَرانَ الشَّهوةِ، ولا يَحتاجُ إلى إذنها في ذلكَ، بل عَدمُ إذنِها أَولى (٢).

حُكمُ تزيُّنِ المرأةِ الخَليَّةِ وتَعرُّضِها للخُطَّابِ:

أجازَ فُقهاءُ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والحَنابلةِ للمرأةِ الخَليَّةِ عن زَوجٍ أنْ تَتحلَّى وتَتزيَّنَ للخُطَّابِ؛ لِمَا رواهُ مسلمٌ عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ بنِ مَسعودٍ أنَّ أباهُ كتَبَ إلى عُمرَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ الأرقَمِ الزُّهريِّ يَأمرُه أنْ يَدخلَ على سُبيعةَ بنتِ الحارِثِ الأسلَميةِ فيَسألَها عن حَديثِها وعمَّا قالَ لها رسولُ اللهِ حينَ استَفتَتْه، فكتَبَ عمرُ بنُ عبدِ اللهِ إلى عبدِ اللهِ


(١) «النجم الوهاج» (٧/ ١٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٦)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٤٨٦)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٢١٥، ٢١٦).
(٢) «المغني» (٧/ ٧٣، ٧٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٨، ٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٠٢، ١٠٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>