للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كحالةِ العَقدِ في ابتِداءِ مُدَّةِ الخيارِ بعدَ انقِضائِه؛ فعلى هذا: إذا اصطَحَبا في مَجلِسِ البَيعِ أربَعةَ أيَّامٍ، ثم افتَرَقا قبلَ الفَسخِ أو الإجازةِ فإنَّ الخيارَ في الأربَعةِ ثابِتٌ بالشَّرعِ، وفيما بعدَها يَكونُ الخيارُ ثابِتًا بالشَّرطِ.

فعلى هذا إنِ اشتَرَطا أنْ يَكونَ ابتِداءُ خيارِ الشَّرطِ مِنْ حينِ العَقدِ ففيه وَجهانِ لِلشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ:

أصَحُّهما عندَهما: يَصحُّ الشَّرطُ والبَيعُ؛ لأنَّ ابتِداءَ الخيارِ يَكونُ مَعلومًا.

والآخَرُ: لا يَصحُّ الشَّرطُ؛ لأنَّه يُسقِطُ مُوجِبَ العَقدِ، ولأنَّ خيارَ المَجلِسِ يُغني عن خِيارٍ آخَرَ، فيُمنَعُ ثُبوتُه، وهل يَبطُلُ البَيعُ؟ فيه وَجهانِ عندَ الشافِعيَّةِ (١).

حُكمُ الغايةِ في مُدَّةِ الخِيارِ:

اختلَف العُلماءُ فيما إذا لو باعا نَهارًا وشرَطا الخيارَ إلى اللَّيلِ أو إلى الغَدِ، هل يَدخُلُ اللَّيلُ والغَدُ في مُدَّةِ الخيارِ أو لا؟

فقالَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ: إنَّه إذا اشتَرَى الرَّجُلُ سِلعةً واشتَرطَ الخيارَ إلى اللَّيلِ أو إلى الغَدِ فإنَّ الخيارَ يَنقطِعُ بدُخول أوَّلِ اللَّيلِ، وعندَ طُلوعِ الفَجرِ، ولا يَدخُلُ اللَّيلُ أو الغَدُ في مُدَّةِ الخِيارِ؛ لأنَّ لَفظَ (إلى) مَوضوعٌ لِانتِهاءِ الغايةِ؛ فلا يَدخُلُ ما بعدَها فيما قبلَها، كما في قَولِ الله تَعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]،


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ١٠٢)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٣٤، ٣٥)، و «المغني» (٤/ ٢٠)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٧٥، ٣٧٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>