للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ رُشدٍ : اتَّفَقوا على أنَّها (أي: الجِزيةَ) إنَّما تَجِبُ بثَلاثةِ أوصافٍ: الذُّكوريةِ، والبُلوغِ، والحُرِّيةِ، وأنَّها لا تَجِبُ على النِّساءِ ولا على الصِّبيانِ؛ إذْ كانَت إنَّما هي عِوضٌ من القَتلِ، والقَتلُ إنَّما هو مُتوجَّهٌ بالأمرِ نَحوَ الرِّجالِ البالِغينَ؛ إذْ قد نُهي عن قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ (١).

رابِعًا: الحُرِّيةُ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الجِزيةَ لا تُؤخذُ من عَبيدِ أهلِ الذِّمةِ، وسَواءٌ كانَ العبدُ مَملوكًا لمُسلمٍ أو كافرٍ.

وقد نقَلَ جَماعةٌ من العُلماءِ اتِّفاقَ العُلماءِ على ذلك، منهم ابنُ المُنذِرِ وابنُ رُشدٍ وابنُ قُدامةَ وابنُ القَيمِ وغيرُهم.

قالَ ابنُ رُشدٍ : أجمَعوا على أنَّها لا تَجِبُ على العَبيدِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا على سَيِّدِ عَبدٍ عن عبدِه إذا كانَ السَّيِّدُ مُسلمًا لا خِلافَ في هذا نَعلَمُه، ولأنَّ ما لزِمَ العبدَ إنَّما يُؤدِّيه سَيِّدُه فيُؤدِّي إيجابُه على عبدِ المُسلِمِ إلى إيجابِ الجِزيةِ على مُسلمٍ.

فأمَّا إنْ كانَ العبدُ لكافرٍ، فالمَنصوصُ عن أحمدَ أنَّه لا جِزيةَ عليه أيضًا، وهو قَولُ عامةِ أهلِ العِلمِ.

قالَ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه من أهلِ العِلمِ، على أنَّه لا جِزيةَ على العبدِ … ولأنَّه مَحقونُ الدَّمِ فأشبَهَ النِّساءَ والصِّبيانَ، أو لا


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٠).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>