للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ البُهوتيُّ : ويَصحُّ أمانُ أسيرٍ بدارِ حَربٍ إذا عقَدَه غيرَ مُكرَهٍ، نَصَّ عليه للعُموماتِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ويَصحُّ أمانُ الأسيرِ إذا عقَدَه غيرَ مُكرَهٍ لدُخولِه في عُمومِ الخبَرِ، ولأنَّه مُسلِمٌ مُكلَّفٌ مُختارٌ فأشبَهَ غيرَ الأسيرِ، وكذلك أمانُ الأجيرِ والتاجرِ في دارِ الحَربِ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ، وقالَ الثَّوريُّ: لا يَصحُّ أمانُ أحَدٍ منهم (٢).

أمانُ الذِّميِّ:

لا يَصحُّ أمانُ الذِّميِّ الذي يَكونُ مع المُسلِمينَ بإجماعِ المُسلِمينَ.

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ أكثَرُ من نَحفَظُ من أهلِ العِلمِ على أنَّ أمانَ الذِّميِّ لا يَجوزُ، كذلك قالَ الأَوزاعيُّ واللَّيثُ بنُ سَعدٍ وسُفيانُ الثَّوريُّ والشافِعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأصحابُ الرأيِ … قالَ أبو بَكرٍ: وكذلك نَقولُ: ولو قالَ قائِلٌ: إنَّ في قَولِ رَسولِ اللهِ : «ويُجيرُ على المُسلِمينَ أدناهم» الدِّلالةَ على أنَّ مَنْ كانَ من غيرِهم لا يُجيرُ عليهم، لَكانَ مَذهبًا. وقالَ إسماعيلُ بنُ عَياشٍ: سَمِعتُ أشياخًا يَقولون: لا جِوارَ للصَّبيِّ والمُعاهَدِ؛ فإنْ أجاروا فالإمامُ مُخيَّرٌ؛ فإنْ أحَبَّ أمضى جِوارَهم وإنْ أحَبَّ رَدَّه؛ فإنْ أمضاه فهو ماضٍ، وإنْ لم يُمضِه تَعيَّنَ رَدُّه إلى مَأمَنِه، وقد رَوينا عن الأَوزاعيِّ أنَّه قالَ: إنْ كانَ غَزا مع المُسلِمينَ؛ فإنْ شاءَ الإمامُ أجرَاه، وإنْ شاءَ رَدَّه إلى


(١) «كشاف القناع» (٣/ ١٠٥).
(٢) «المغني» (٩/ ١٩٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>