اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على لا يُشترطُ أنْ لا يَشربَ مِنْ دَمِه، فإنْ شَربَ مِنْ دَمِه لم يَحرمْ؛ لعُمومِ الآيةِ والأخبارِ؛ لأنَّ الدمَ لا يَقصدُه الصائدُ منه ولا ينتفعُ بهِ، فلا يَخرجُ بشُربِه عن أنْ يَكونَ مُمسِكًا على صائِدِه (١).
الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يَجرحَ الحَيوانُ الصَّيدَ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الجارِحةِ إذا قتَلَتِ الصَّيدَ بالخَنقِ أو بالصَّدمةِ دُونَ أنْ تَجرحَه، هل يَحلُّ أم لا بُدَّ مِنْ جَرحِ الصَّيدِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في ظاهِرِ الرِّوايةِ -وهو المُفتَى به- والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأظهَرِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يُشترطُ أنْ يَجرحَ الصَّيدَ في أيِّ مَوضعٍ كانَ مِنْ بَدنِ الصَّيدِ.
فإنْ خنَقَه أو قتَلَه بصَدمتِه ولم يَجرحْهُ بنابٍ ولا مِخلبٍ لم يُبَحْ؛ لأنه قتَلَه بغيرِ جَرحٍ، أشبَهَ ما قتْلَه بالحَجرِ والبُندقِ، ولأنَّ اللهَ تعالَى حرَّمَ المَوقوذةَ، وهذا كذلكَ، وقَولُ النبيِّ ﷺ:«ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكرَ اسمُ اللهِ فكُلْ» يَدلُّ على أنه لا يُباحُ ما لم يُنهَرِ الدمُ.
(١) «المبسوط» (١١/ ٢٤٥)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٣٥٧، ٣٥٩)، و «المعونة» (٢/ ٤٥٠)، و «الذخيرة» (٤/ ١٧١، ١٧٢)، و «المهذب» (١/ ٢٥٣)، و «البيان» (٤/ ٥٤٤)، و «المجموع» (٩/ ٩٨)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٣٦)، و «المبدع» (٩/ ٢٤٤)، و «الإنصاف» (١٠/ ٤٣٢)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٠٤).